كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
إِذَا آباؤُنا وأَبُوكَ عُدُّوا ... أَبَانَ المُقْرِفَات من العِرَابِ
فالحاصل أن الهجن والبراذين قال بعض العلماء: يقسم لها كما يقسم لِلْخَيْلِ الجِيَادِ العِرَاب. وقال بعض العلماء: يقسم لها سهم واحد، نصف ما يقسم للخيل العِرَاب الجِيَاد. وقال بعض العلماء: إن كان لها غَنَاء يقرب من غَنَاء الخيل الجياد قُسِمَ لها مثل قَسْمِها وإلا فنصف قَسْمِها، وشذّ بعض العلماء فقال: لا يُقسَم لها شيء؛ لأنه حيوان لا يقوم مقام الخيل فأشبه الحمير والبغال. وقد كان رجل من حمير من بني وادعة من بطون حِمْيَر أميراً على جيش فسبق الخيل الجياد وتأخر البراذين والهجن فقيل له: اقسم للبراذين والهجن، فلم يعطها إلا نصف ما أعطى لِلْخَيْلِ الجِيَادِ، وقال: لا يمكنني أبداً أن نَجْعَلَ مَا لم يُدْرَكْ كَالَّذِي يُدْرَكُ. فسمعها عمر بن الخطاب فاستحسنها جدّاً، وقال: هبلت الوادعي أمه، لقد ذكَّرنيها (¬1). وكان الشاعر الحميري يفتخر بمقالة الوادعي الحميري هذه فيقول (¬2):
وَمِنَّا الَّذِي قَدْ سَنَّ فِي الخَيْلِ سُنَّةً ... وَكَانَتْ سَوَاءً قَبْلَ ذَاكَ سِهَامُهَا
أما إذا كانت عنده خيول كثيرة (¬3) فبعض العلماء يقول: لا يأخذ إلا نصيب فرس واحد. وهذا قال به جماعة من العلماء؛ لأنه لا يركب إلا على واحد. وقال جماعة من العلماء: يعطى خمسة أسهم، نصيب فرسين فقط، أما الفرسان فلهما أربعة أسهم، والسهم
¬_________
(¬1) سنن سعيد بن منصور (2/ 280)، والشافعي في الأم (7/ 337)، والبيهقي (6/ 328)، وذكره الحافظ في الفتح (6/ 67).
(¬2) البيت في فتح الباري (6/ 67)، الأضواء (2/ 402).
(¬3) انظر: الأوسط لابن المنذر (11/ 157 - 159)، الأضواء (2/ 400).