كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
أما إذا كان يقاتل على الفيلة (¬1) كما كانت الأعاجم تقاتل فلم يختلف اثنان من العلماء أن الفِيلَ لا يقسم له شيء إذا قاتل عليه صاحبه. قالوا: ليس كالبعير؛ لأن البعير حيوان يُسَابَقُ عليه ويجوز المسابقة عليه بالسبق، وهو إعطاء العِوَضِ لمَنْ غَلَبَ، كمَا في حديث: «لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ» (¬2).أما الفيل فلم يقل أحد من العلماء: إنه يستحق نصيباً إذا قوتل عليه، أما كونه يسابق عليه فقد قاله بعض العلماء، وهو مَبْنِيٌّ عَلَى الخِلاف في قاعدة أصولية معروفة، وهي: هل إذا جاءت عن الله (جل وعلا) أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم نصوص عامة هل تدخل فيها الصور النادرة أو لا تدخل (¬3)؟ قال بعض العلماء: تدخل الصور النادرة. وقال بعض العلماء: لا تدخل الصور النادرة. وهذه القاعدة الأصولية تحتها فروع اختلف فيها العلماء، من هذه الفروع: مَنْ خَرَجَ منه المَنِيُّ بغير لذة، كالذي ينزل في ماء حار فينزل منه المَنِي، أو تلدغه عقرب في ذكره فينزل منه المَنِي، أو تهزّه دابَّة فينزل منه المني، فنزول المني من غير لذة كبرى صورة نادرة، فعلى أن الصور النادرة تدخل في عمومات النصوص يدخل في عموم قوله: «إنَّمَا المَاءُ مِنَ
¬_________
(¬1) انظر: الأضواء (2/ 404).
(¬2) أخرجه أحمد (2/ 256، 358، 385، 425، 474). وأبو داود في الجهاد، باب في السبق، حديث رقم: (2557) (7/ 241). والترمذي في الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسبق، حديث رقم (1700) (4/ 205). والنسائي في الكبرى، كتاب الخيل، باب السبق، حديث رقم: (4426) (3/ 41). وابن ماجه في الجهاد، باب السبق والرهان، حديث رقم: (2878) (2/ 960).
(¬3) انظر: البحر المحيط للزركشي (3/ 55)، نثر الورود (1/ 245).