كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
وهي نصيب اليتامى والمساكين وابن السبيل. وجماهير العلماء على خلاف هذا.
وقوله: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: الآية 41] اختلف العلماء في المراد بـ (ذي القربى) (¬1) فقال بعضهم: بنو هاشم. وقال بعضهم: قريش. والتحقيق الذي لا ينبغي العدول عنه: أن المراد بـ (ذي القربى) بنو هاشم وبنو المطلب خاصة، وقد ثبت هذا في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي العدول عنه. هذا هو المذهب الحق الذي لا شك فيه، وهو مذهب الإمام الشافعي وأحمد (رحمهما الله)، وُيروى عن أبي حنيفة. أما ما ذهب إليه مالك من أنهم خصوص بني هاشم. وما قاله بعض القرشيين من أنهم قريش كلهم فهو خلاف التحقيق. والدليل على هذا القول: هو ما ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم أموال خيبر وأخرج خُمُسَهَا أعْطَى نَصِيبَ القَرَابَةِ مِنْ خُمس خيبر لخصوص بني هاشم وبني المطلب، ولم يُعْطِ لإخوانهم الآخرين -أعني بني عبد شمس وبني نوفل- فجاء عُثْمَان بن عَفَّان وهو مِنْ بَنِي عبد شمس، وجبير بن مطعم وهو مِنْ بَنِي نوفل، فقالوا: يا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت إخواننا مِنْ بَنِي المُطَّلِبِ ونحن وهم بالنسبة إليك سواء، فلِمَ تُعْطِهِمْ وتَمْنَعنا؟ فأعْطِنَا كما أعطيتهم. فقال صلى الله عليه وسلم: «إنّا وَبَنو المُطَّلِب شَيْءٌ وَاحِدٌ»، وفي بعض رواياته: «لَمْ نَفْتَرِقْ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ» (¬2)؛ لأن هؤلاء الأربعة إخوة؛ لأن عبد مناف
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (13/ 553) القرطبي (8/ 12)، الأضواء (2/ 361).
(¬2) البخاري في فرض الخمس، باب من الدليل على أن الخمس للإمام، حديث رقم: (3140) (6/ 244). وأخرجه في موضعين آخرين، انظر الحديثين: (3502، 4229).