كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)

أن يرحلوا إلى الشِّعْب كان بنو المطلب معهم في كل بلية، ولم يفارقوهم في شيء، وكان إخوانهم الآخرون بنو عبد شمس وبنو نوفل كانوا مُعَادِينَ لهُمْ قريش ولم ينصروهم عليهم، وكان أبو طالب يقول لهم في لامِيَّتِهِ المشهورة (¬1):
جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلاً ... عُقُوبةَ شَرٍّ عَاجلاً غير آجلِ ...
بِمِيزَانِ قِسْطٍ لاَ يَخِيسُ شَعِيرَةً ... له شاهدٌ مِنْ نَفْسِهِ غَيْرُ عَائِلِ ...
لَقَدْ سفهتْ أَحْلاَمُ قَوْمٍ تَبَدَّلوا ... بني خَلَفٍ قيضاً بنا والغَيَاطِلِ ...
ونحن الصَّميمُ مِنْ ذُؤَابةِ هَاشِمٍ ... وآلِ قصيّ في الخُطُوبِ الأوَائِلِ

فعرف النبي صلى الله عليه وسلم لبني المطلب انسجامهم معهم في كل البلايا وصبرهم عليهم في الشدائد فجعلهم من القرابة، وأعطاهم من خُمس خيبر سهم ذي القرابة، ولم يعط إخوانهم الآخرين -أعني بني عبد شمس وبني نوفل- شيئاً. وهذا هو التحقيق في ذي القرابة.
واختلف العلماء في القرابة هل يُفَضَّلُ ذَكَرُهُمْ عَلَى أُنْثَاهُم (¬2)؟ فذهب الشَّافِعِيّ وأحْمَدُ أنهم يُعطون للذكر مثل حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، قالوا: نالوه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهم عصبته، والمعروف أن المال المستحق لِلْعَصَبة يكون فيه الذَّكَرُ له حَظّ الأنثيين.
وقال بعض العلماء: ذكرهم وأنثاهم سواء. وهذا أقربها؛ لأن تفضيل الذكر على الأنثى يحتاج إلى دليل، ولم يرو أحد أنه فضّل ذكرهم على أنثاهم. ولا يُشترط فيهم على التحقيق الفقر (¬3)، فيعطى بنو هاشم والمطلب غنيّهم وفقيرهم.
¬_________
(¬1) القصيدة في البداية والنهابة (3/ 53 - 57)، الأضواء (2/ 363).
(¬2) انظر: القرطبي (8/ 12).
(¬3) انظر: السابق.

الصفحة 47