كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
أما نصيب اليتامى والمساكين فلا يعطى إلا لفقرائهم، فلا يُعْطَى يَتِيمٌ غنيٌّ ولا مسكين غني.
واليتيم من بني آدم: هو من مات أبوه (¬1). وغلط قوم فقالوا: اليتيم من الآدميين: من مات أبوه وأمه، قالوا: قال مجنون ليلى (¬2):
إِلى اللهِ أشْكو فَقْدَ لَيْلَى كَمَا شَكَا ... إِلى اللهِ فَقْدَ الْوَالِدَيْنِ يَتِيمُ
فسمّاه يتيماً بفقد الوالدين. والصواب: فقد الأب وَحْدَهُ يَكْفِي في يُتْمِهِ.
وابن السبيل: هو المنقطع عن بلاده. والسبيل: الطريق. وإنما قال له: ابن السبيل كأنه يقول: ولد الطريق. وتسميته ولد الطريق فيه للعلماء وجهان:
أحدهما: أنه كثر سلوكه لها، والعرب إذا كثرت ملازمة الشيء للشيء قالوا ابنه، ومنه قول غيلان ذي الرمة (¬3):
وردتُ اعتِسَافاً والثُّريا كأنَّها ... على قمةِ الرأسِ ابن ماء مُحَلَّقِ
فسمى طير الماء الملازم له: ابن الماء، فلما كان المسافر ملازماً للطريق قيل له: ابن الطريق.
وقال بعض العلماء: كأن الفلاة تمخّضت عنه كما تتمخّض النتوج عن ولدها فرمتنا به كما ترمي الحامل بما في بطنها. وهذا
¬_________
(¬1) تقدم عند تفسير الآية (152) من سورة الأنعام.
(¬2) البيت في ديوانه ص188.
(¬3) البيت في تاريخ دمشق (24/ 252).