كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)

إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما أعطى بني هاشم وبني المطلّب خمس ذي القربى من غنائم خيبر، قال العبشميون والنوفليون: نحن من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قرابتنا مثل قرابة بني المطلب، فجاء عثمان وهو من بني عبد شمس؛ لأن أمير المؤمنين عثمان بن عفان (رضي الله عنه) هو ابن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، وعبد شمس أخو المطلب، وهاشم وجبير بن مطعم هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل، ونوفل هذا أخو هاشم والمطلب، فجاء جبير وعثمان يطلبون النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلم أن يُسَوِّيَ بَنِي نوفل وبني عبد شمس ببني المطلب، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم وبَيَّنَ أَنَّ بَنِي المطلب وبني هاشم هم المرادون بالقرابة، وأنهم هم المستحقون خُمس خمس الغنيمة. وهذا ثابت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬1) فلا ينبغي الخلاف فيه. وإن كانت جماعة من العلماء منهم مالك وأصحابه قالوا: أن ذي القربى أنهم الهاشميون. وجماعة قالوا: إنهم قريش كلهم. فأصح الأقوال وأثبتها دليلاً أن المراد بذي القربى: بنو هاشم وبنو المطلب ابني عبد مناف دون إخوتهم الآخرين من بني عبد شمس وبني نوفل، فهذا هو الصواب -إن شاء الله-؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله مبيّناً به معنى هذه الآية الكريمة.
وقد ذكرنا أن العلماء اختلفوا في ذي القُرْبَى، فجمهور العلماء على أن نصيبهم باق، وأنه لم يسقط بموته صلى الله عليه وسلم خِلاَفاً لأبي حنيفة، وقد قدّمنا أن أكثر العلماء على أنه يعطى منه غنيهم وفقيرهم ولا يختص بفقرائهم، وأن بعض العلماء قال: يُفضّلُ ذَكَرهُمْ على أُنْثَاهُمْ كالمِيرَاثِ. وبعضهم قال: يُسوّى فيه الذكر والأنثى.
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه قريباً.

الصفحة 51