كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)

وأن المراد بنصيب اليتامى: قال بعض العلماء: يجعل خُمُس الخمس لسد خلاّت اليتامى الفقراء الذين لم يترك لهم آباؤهم مالاً.
والمساكين: جمع مسكين، والمسكين إذا أُطْلِقَ وَحْدَهُ -لم يذكر معه الفقير- تناول الفقير، وعلماء التفسير يقولون: المسكين والفقير إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا. يعني: إن ذُكرا معاً مجتمعين افترق حكمهما فكان أحدهما أشَدّ فقراً من الآخر، وإن افترقا -بأن ذكر المساكين دون الفقراء -أو الفقراء دون المساكين- اجتمعا. أي: شَمِلَ المسْكِينَ حكمُ الفقير، والفقيرَ حكمُ المسكين (¬1). ومعلوم اختلاف العلماء في الفقير والمسكين أيهما أحوج (¬2)، فذهب بعض العلماء، وهو رأي مالك بن أنس وطائفة من العلماء إلى أن المسكين أشد حاجة. واستدلوا بأن الله قال: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ (16)} [البلد: الآيات 14 - 16] فوصف المسكين بأنه (ذو متربة) ومعنى (ذو متربة): لاصق بالتراب ليس له شيء غير التراب، وأنه (مِفْعِيل) من السكنى؛ لأن يده سكنت عن التصرف، وجوارحه عن النشاط من الجوع والفاقة.
وهو عربي فصيح (¬3):
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (14/ 305)، الفروق اللغوية ص145، القرطبي (8/ 167)، ابن كثير (2/ 364).
(¬2) انظر: ابن جرير (14/ 305)، الفروق اللغوية ص145، القرطبي (8/ 167)، ابن كثير (2/ 364).
(¬3) البيت للراعي النميري، وهو في ديوانه ص90، القرطبي (8/ 169). وقوله: «سبد»، أي: وبر، وقيل شعر. وذلك كناية عن الإبل أو الغنم.

الصفحة 52