كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 5)
سببية. والمعنى: أن التنازع سبب للفشل، والفشل: عدم النجاح والضعف والخور وعدم التمكن. والفاء سببية، والمضارع منصوب بعدها بـ (أن) المضمرة كما هو معلوم في محله. وقوله: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} معطوف على المنصوب بـ (أن) المضمرة قبله.
وقوله: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} للعلماء في المراد بالريح هنا أقوال متقاربة لا يكذب بعضها بعضاً (¬1):
قال بعضهم: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} معناه: تذهب قوتكم. وهذا كالتوكيد لقوله: {فَتَفْشَلُواْ}؛ لأن من فشلوا فقد ذهبت قوتهم، وحاصل الريح هذه في كلام العرب أنهم يريدون بها الدولة أعْنِي: وتذهب دولتكم ويكون الأمر إلى غيركم؛ لأن العرب تقول: «هَبَّتْ رِيحُ فُلاَنٍ». أي: دالت دولته وجاء وقته الذي يتمكن به. وهذا معنى معروف في كلام العرب وفي لُغَتِهَا التي نزل بها القرآن، وهو معْنًى مشهور معروف. «هبت ريحك فاغتنم» أي: دالت دولتك وجاء الوقت الذي أنت تتمكن فيه. هذا معناه معروف في كلام العرب، وعلى هذا المعنى {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي: تَنْعَدِمُ دَوْلَتُكُمْ وتضيع، ويصير الأمر إلى غيركم، وهذا المعنى معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر (¬2):
يَا صَاحِبَيَّ ألاَ لاَ حَيَّ بِالوَادِي ... إِلاَّ عَبِيداً قُعُوداً بَيْنَ أذْوَادِ
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (13/ 575)، القرطبي (8/ 24)، البحر (4/ 503)، الأضواء (2/ 414).
(¬2) البيتان في الأغاني (20/ 391)، فصل المقال في شرح كتاب الأمثال (1/ 340)، والبيت الثاني في البحر (4/ 503)، الدر المصون (5/ 617)، وقد ذكرهما الشيخ (رحمه الله) في الأضواء (2/ 415).