كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 5)

معادي، وأنا أستغفر الله منكم، وأتوب إليه فيكم، وقد أصبحت أخاف ما كنت أرجو ندماً عليه، وأرجو ما كنت أخاف اعتباطاً به، وقد شقي من هلك بين عفو الله ورحمته، والسلام عليكم سلام من لا أراه عائداً إليكم.
وقال ابن الأعرابي: جاء خالد بن صفوان إلى باب بعض ولاة البصرة فإذا هو بروح بن حاتم فقال: يا ابن أخي، والله ما غدوت قط ولا رحت على أبواب هؤلاء إلا وأنت هناك، أكل هذا طلباً للدنيا وحرصاً عليها؟ قال: فأجللته عن الجواب، ثم قلت: كفى بك حرصاً أن تراني في هذه الأوقات، قال: إن قلت ذاك يا ابن أخي، لقد ذهب ذمار القلب، وحسام الصلب، ورونق الوجه، وماء الشباب، وقربت عهاد العلل، ووالله ما مرت بنا ساعة من أعمارنا إلا ونحن نؤثر الدنيا على ما سواها، فما تزداد عندنا إلا تحلياً، ولا عنا إلا تولياً.
قال بعض السلف: الأسرار ثلاثة: سر لا طريق إلى إعلانه لأن فيه اجتياح النفس، وسر تفشيه إلى وكيلك لسقوط الحشمة ليفرح به، وسر عند العدو ليتغيظ منه.
قال عبد الرحمن بن عوف، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد لنت للناس حتى خشيت الله في اللين، ثم شددت عليهم حتى خشيت الله في الشدة، فأين المخرج؟ فقام عبد الرحمن يجر رداءه ويقول: أف لهم بعدك، وقال عمر: اللهم تعلم أني منك فيهم أشد فرقاً منهم مني.

الصفحة 171