كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 5)

قال ابن عباس رحمه الله وقد سمع قوماً يتكلمون في القدر فقال: إن الله عباداً خشيتهم من غير خرس، وإنهم الألباء البلغاء العلماء ولكنهم إذا نظروا في عظمة الله طاشت عقولهم فرقاً، فإذا سري عنهم سارعوا إلى الله تعالى بالأعمال الزكية، فأين أنتم عنهم؟ فتفرقوا.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: القدر سر من سر الله تعالى، وحرز من حرز الله، مكنون في حجاب الله، مطوي عن خلق الله، سابق في علم الله، قد وضع الله عن عباده علمه، ورفعه فوق منتهى رأيهم، ومبلع عقولهم، فلم ينالوه بحقيقة الربانية، ولا عظمة الوحدانية وعزة الفردانية، فهو بحر زاخر غامض، عمقه ما بين الأرض والسماء، عرضه ما بين المشرق والمغرب، أسود كالليل الدامس، يعلو أوله ويسفل آخره، قعره شمس تضيء، ولا ينبغي أن يراها إلا الفرد القديم، فمن طالعها فقد حاد الله في ملكه، ونازعه في سلطانه، وكشف عن سر ستره، وباء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير.
وقف رجل على قبر معاوية فقال: يا أبا عبد الرحمن، لو لفظتك الأرض إلينا لرايت ما يصنع بنا يزيد، ورأينا ما صنع الله بك.
قال معاذ: مثل الشيطان كمثل الذئب يأخذ الشاة الشاذة القاصية، فعليكم بالجماعة.

الصفحة 189