كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 5)

إذا قلت: قد تنحى من هذا صار في ناحية منه، فكذلك تحاشا من هذا، أي قد صار في حشا منه، أي في ناحية، وعلى طريقة. الزجاج: قال بعض أصحابنا: حاشا في معنى المصدر؛ قال: ويقال: حاشا الله، وحاشا لله، كما يقال: لاه الله، ولاه لله، ويدخله النقص فيقال: حشا الله وحشا لله، كما يقال في النقص في غدو: غد، وفي مهلاً: مه، ولا يقال ذلك في الحروف. وتستعمل حاشا لتبرئة الاسم الذي بعدها عند ذكر سوء في غير أو فيه، وربما تبرئة الإنسان من سوء، ثم يبرئون من أرادوا تبرئته، وتكون تبرئتهم لله تعالى على جهة التعجب والإنكار على من ذكر السوء فيمن برأوه، قال الله تعالى " قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء " يوسف 51، ومذهب حاشا لله كمذهب معاذ الله وسبحان الله في الإنكار والتعجب، وإذا استثنوا بحاشا فاستثناؤهم أيضاً بها على طريق التبرئة للأسم السمتثنى بها من سوء أدخلوا فيه غيره.
هذا آخر كلام أبي سعيد، سقته لأنه تمام المعنى في لفظ مختلف فيه.
قال الشعبي: سمعت النعمان بن بشير يقول على المنبر: أيها الناس خذوا على أيدي سفهائكم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: إن قوماً ركبوا البحر في سفينة فاقتسموها وأخذ كل رجل مكاناً، فأخذ بعضهم الفأس فنقر مكانه، فقالوا له: ما تصنع؟ قال: مكاني أصنع به ما شئت، فإن أخذوا على يده نجوا، وإن تركوه هلكوا.
قال رجل من أهل الشام لابن سيرين: بلغني أنك نلت مني، فقال: نفسي أعز علي من ذلك.

الصفحة 202