كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 5)

الحمار غير البغال، كما أن زيداً غير إخوته، وإذا قلت: زيد خير الإخوة جاز لأنه أحد الإخوة والاسم يقع عليه وعلى غيره، فهو بعض الإخوة، ألا ترى لو أنه قيل لك: من الإخوة؟ عددته فيهم فقلت: زيد وعمرو وبكر وخالد، فيكون بمنزلة قولك: حمارك أفره الحمير لأنه داخل تحت الاسم الواقع على الحمير، فلما كان على ما وصفنا جاز أن يضاف إلى واحد منكور يدل على الجنس فتقول: زيد أفضل رجل، وحمارك أفره حمار، فيدل رجل على الجنس، كما دل حمار على الجنس.
وأنشد: الطويل
فيا رب حي الزائري كليهما ... وحي دليلاً بالفلاة هداهما
فليتهما ضيفان لي كل ليلة ... مدى الدهر محتوم علي قراهما
وليتهما لا ينزلان ببلدة ... ولا منزل إلا وعيني تراهما
قال الناشئ أبو العباس الكبير: أول الشعر إنما يكون بكاء على دمن، أو تأسفاً على زمن، أو نزوعاً لفراق، أو تلوعاً لاشتياق، آو تطلعاً لتلاق، آو إعذاراً إلى سفيه، أو تغمداً لهفوة، أو تنصلاً من زلة، أو تحضيضاً على أخذ بثأر، أو تحريضاً على طلب أوتار، أو تعديداً للمكارم، أو تعظيماً لشريف مقاوم، أو عتاباً على طوية قلب، أو إعتاباً من مقارفة ذنب،

الصفحة 209