كتاب البصائر والذخائر (اسم الجزء: 5)

ثلاثاً، قال: ما هن؟ قالوا: أنك قاتلت ولم تغنم ولم تسب، فإن كانوا مسلمين فما حل قتالهم ولا سبيهم، وإن كانوا كفاراً فقد حل قتالهم وسبيهم، فقال: هذه واحدة، قالوا: وحكمت الرجال في دين الله، قال الله " إن الحكم إلا لله " الأنعام: 57، قال: ثنتان، قالوا: ومحوت نفسك من إمرة المؤمنين، فإن لم تكن أمير المؤمنين فأنت أمير الكافرين؛ قال: هذه ثلاث. فأقبل عليهم وقال: أرأيتم إن أتاكم من كتاب الله وسنة نبيه ما يرد قولكم أترجعون؟ قالوا: نعم، قال: أترون أن تسبوا أمكم عائشة عليها السلام وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟ فإن قلتم: نعم، كفرتم، وإن قلتم: ليست أمنا، كفرتم، قال الله عز وجل " وأزواجه أمهاتهم " الأحزاب: 6. وأما قولكم حكمتم الرجال في دين الله فإن الله عز وجل حكم الرجال في أرنب يقتله محرم فقال " يحكم به ذوا عدل منكم " المائدة: 95، ولو شاء لحكم ولكن جعل حكمه إلى الرجال، وقال في بضع امرأة: " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثا حكماً من أهله وحكماً من أهلها " النساء: 35. وأما قولكم محوت نفسك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم صالح أهل الحديبية قال لي: اكتب يا علي: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله، فقال له سهيل بن عمرو: لو علمنا أنك رسول الله فما قاتلناك، قال: فا تريدون؟ قال: اكتب اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتب يا علي: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله، وامح رسول الله، ولم يكن محو رسول الله من الكتاب محواً لنبوة، وكذلك ليس اقتصاري على اسمي دون أمير المؤمنين مضيعاً حقاً ولا موجباً لي باطلاً. قال: فرجع ناس كثير منهم معه وعرفوا الحق وأذعنوا له.
وقال لنا غير أبي حامد: إن علياً لم يمح رسول الله صلى الله عليه وسلم

الصفحة 74