كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 5)

من المماليك السُّلْطَانِيَّة وَفِي مماليك الأسياد ولدى السُّلْطَان وَفِي مماليك الْأُمَرَاء الْمُسَافِرين صُحْبَة السُّلْطَان وَفِي جمَاعَة من المماليك البطالة وواعدوهم جَمِيعًا على الْقيام مَعَهم ووعدوهم بِأَن ينفقوا فيهم خَمْسمِائَة دِينَار عَنْهَا عشرَة آلَاف دِرْهَم لكل وَاحِد مِنْهُم فمالوا إِلَيْهِم وتحالفوا جَمِيعًا على الِاتِّفَاق وركبوا بِآلَة الْحَرْب. وَنزل المماليك السُّلْطَانِيَّة الَّذين بالطباق من قلعة الْجَبَل وَصعد الَّذين كَانُوا أَسْفَل القلعة إِلَيْهَا وَصَارَ الْجَمِيع بِبَاب الستارة وَفِي دَاخله الطواشي سَابق الدّين مِثْقَال زِمَام الدّور والأمير جلبان لالا الأسياد والأمير أقبغا جركس اللالا فأغلقوا بَاب الستارة وَأخذ الْقَوْم يطرقون عَلَيْهِم الْبَاب وَيطْلبُونَ أَمِير عَليّ ابْن السُّلْطَان وَيَقُولُونَ: قد مَاتَ السُّلْطَان وَنحن نُرِيد نسلطن ابْنه أَمِير عَليّ. فَقيل لَهُم: من كبيركم حَتَّى نسلم إِلَيْهِ ابْن السُّلْطَان فتآمروا فِيمَا بَينهم سَاعَة وجمعهم يكثر ثمَّ كسروا شباك الزِّمَام المطل على تِلْكَ الْجِهَة وصعدوا مِنْهُ فنهبوا مَا فِي بَيت الزِّمَام ونزلوا إِلَى رحبة بَاب الستارة وقبضوا على الطواشي مثفال الزِّمَام وعَلى الْأَمِير حلبان ودخلوا من بَاب الستارة بأجعهم وأخرجوا أَمِير عَليّ وأجلسوه بِبَاب الستارة وأحضروا الْأَمِير أيدمر الشمسي وألزموه بتقبيل الأَرْض فقبلها وأركبوا أَمِير عَليّ إِلَى الإيوان الْمَعْرُوف بدار الْعدْل وأجلسوه على تخت الْملك ولقبوه بِالْملكِ الْعَادِل. فَتَأَخر نَاظر الْخَاص شمس الدّين أَبُو الْفرج المقسي فِي دَاره عَن الطُّلُوع إِلَى القلعة خوفًا من المماليك فَإِن رُءُوس النوب وأكابر المماليك طلبُوا مِنْهُ أَن يصرف لَهُم ولبقية المماليك رواتبهم من الدَّرَاهِم وَاللَّحم وَنَحْو ذَلِك فماطلهم بِالصرْفِ وهم يلحون فِي الطّلب فنهرهم وَقَالَ: مَا لكم عِنْدِي شَيْء حَتَّى يَجِيء أستاذكم خُذُوا مِنْهُ. وطلع نَاظر الدولة أَمِين الدّين أَمِين وَمَعَهُ مقدم الدولة الْحَاج سيف وَبَقِيَّة مباشري الدولة فَقبض المماليك عَلَيْهِم ظنا مِنْهُم أَنه المقسى وَأَغْلقُوا بَاب القلعة ووكلوا بناظر الدولة وَمن مَعَه عدَّة من المماليك ثمَّ نزلُوا من القلعة ووقفوا على خيولهم تحتهَا وبعثوا طَائِفَة مِنْهُم لإحضار المقسي فَلم يظفروا بِهِ فاستدعوا الْأَمِير آقتمر عبد الْغنى والأمير أيدمر الشمسي والأمير علم دَار وَبَقِيَّة الْأُمَرَاء فأتوهم تَحت القلعة وأبوا من طُلُوعهَا فَأنْزل المماليك أَمِير عَليّ من القلعة إِلَى الإصطبل وطلعوا بالأمراء إِلَيْهِ فقبلوا لَهُ الأَرْض وحلفوا على الْعَادة إِلَّا الْأَمِير طشتمر الصَّالِحِي والأمير بلاط الْكَبِير السيفي والأمير خطط رَأس نوبَة فَإِنَّهُم لم يوافقوا المماليك على مَا فَعَلُوهُ فقبضوا عَلَيْهِم وطلبوا الْأَمِير سيف الدّين ألطنبغا أَبُو قورة أَمِير سلَاح - وَكَانَ قد تَأَخّر عَن السّفر لمَرض بِهِ - والأمير طاز فاعتذرا عَن الْحُضُور بالضعف وأرسلا مماليكهما

الصفحة 10