كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 5)

وَكَانَ قبل ذَلِك قد بلغ كل من الْأَمِير سودن أَمِير آخور وأمير عَليّ بن قشتمر الْحَاجِب وَأَبُو بكر بن طاز وأيدمر الشمسي وأقتمر عبد الْغَنِيّ وعلمدار وطشتمر الصَّالِحِي وَبَقِيَّة الْأُمَرَاء أَن مماليك السُّلْطَان ومماليك الأسياد يُرِيدُونَ إثارة الْفِتْنَة وَالرُّكُوب للحرب فتغافلوا عَنْهُم خوفًا على أنفسهم فَلَمَّا وَقع مَا وَقع وأتاهم الْأُمَرَاء ورسموا عَلَيْهِم وَأخذُوا مِنْهُم مماليكهم وَصَارَ دبير الْقَوْم أينبك ويشاركه الْأَمِير طشتمر اللفاف وأسندمر الصرغتمشى وقرطاي فَأمروا أَن يُنَادى فِي النَّاس بالأمان فَنُوديَ فِي الْقَاهِرَة ومصر بَين يَدي وَإِلَى الْقَاهِرَة الْأمان والإطمئنان افتحو دكاكينكم وبيعوا واشتروا وترحموا على الْملك الْأَشْرَف وَالدُّعَاء لوَلَده الْملك الْعَادِل عَليّ ونائبه الْأَمِير آقتمر الْحَنْبَلِيّ فكثرت القالة بَين النَّاس واستمرت الكوسات تدق بالقلعة حَرْبِيّا وطبلخاناة الْأُمَرَاء أَيْضا تدق وَالْقَوْم وقُوف تَحت القلعة طول الْيَوْم السبت وَلَيْلَة الْأَحَد وأمير عَليّ بالإصطبل. فَلَمَّا أصبح نَهَار الْأَحَد رابعه غيروا لقب أَمِير عَليّ وجعلوه الْملك الْمَنْصُور وَأخذُوا خطوط جَمِيع الْعلمَاء والأمراء أَنهم رَضوا بِهِ سُلْطَانا وَنَادَوْا بِالْقَاهِرَةِ وأعمالهما ثَانِيًا بالأمان والإطمئنان وَالدُّعَاء للْملك الْمَنْصُور وَخرج الْبَرِيد لإحضار الْأَمِير آقتمر الْحَنْبَلِيّ من بِلَاد الصَّعِيد وتقسموا الأمريات فَأخذ طشتمر اللفاف تقدمة أرغون شاه رَأس نوبَة وَأخذ قرطاي تقدمة صرغتمش وَأخذ أينبك تقدمة بيبغا السابقي وَأخذ أسندمر الصرغتمشى تقدمة وَأخذ بلاط الصَّغِير تقدمة حَتَّى عموا من أَرَادوا مِنْهُم بالأمريات. وَاسْتقر الْأَمِير شهَاب الدّين قرطاي أتابك العساكر ونصبوا لَهُم خَليفَة من بنى عَم الْخَلِيفَة المتَوَكل وَأَقَامُوا عز الدّين حَمْزَة بن عَلَاء الدّين على بن محيى الدّين يحيى بن فضل الله فِي وَظِيفَة كِتَابَة السِّرّ حَتَّى يحضر أَخُوهُ بدر الدّين وأحضروا نَاظر الْخَاص شمس الدّين المقسي حَتَّى فتح لَهُم خزانَة الْخَاص من القلعة وَأخرج مِنْهَا تشاريف الْأُمَرَاء وخلعهم وفرقها فيهم ورتب أَحْوَال المملكة وَمد السماط على الْعَادة وَأعْطى الرَّوَاتِب هَذَا وهم بِالسِّلَاحِ على الْخُيُول تَحت القلعة يترقبون مَا يرد من الْأَخْبَار فَإِنَّهُم كَانُوا قد وعدوا أَصْحَابهم على أَن يثيروا الْفِتْنَة مَعَ السُّلْطَان أَيْضا. فاتفق أَن السُّلْطَان لما أصبح فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء. بِمَنْزِلَة الْعقبَة تجمع المماليك وطلبوا عليق دوابهم فَوَعَدَهُمْ السُّلْطَان بصرفه فِي منزلَة الأزلم فَسَأَلُوهُ أَن ينْفق فيهم مَالا لينفقوه فِي غلمانهم فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا البشماط وَالشعِير فرادوه مرَارًا حَتَّى نهرهم

الصفحة 11