كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 5)

وتوعدهم فَمَضَوْا إِلَى الْأَمِير الْكَبِير أرغون شاه رَأس نوبَة وَشَكوا مَا لَقِيَهُمْ من السُّلْطَان فَوَعَدَهُمْ أَن يتحدث لَهُم مَعَ السُّلْطَان فانصرفوا من عِنْده إِلَى الْأَمِير طشتمر الدوادار وتنمروا عَلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ إِن لم ينْفق فِينَا قَتَلْنَاهُ. فَقَامَ إِلَى السُّلْطَان وَسَأَلَهُ فِي النَّفَقَة على المماليك فَامْتنعَ فمازال يرادده حَتَّى غضب مِنْهُ وسبه وَقَالَ لَهُ تحكم على فِي مصر وَهنا أَيْضا وهدده فَقَامَ وَقد أحدق المماليك بخامه ينتظرونه فَأخْبرهُم. بِمَا كَانَ وَأَكْثَرهم حِينَئِذٍ شباب ومماليك يلبغا فهاجت حفائظهم وتحركت أحقادهم وتواعدوا على قتل السُّلْطَان وخاصكيته ولبسوا السِّلَاح وَأتوا إِلَى الْأَمِير طشتمر وتوعدوه بِالْقَتْلِ إِن لم يوافقهم فألبس مماليكه السِّلَاح وَركب مَعَهم هُوَ والأمير مبارك الطازي والأمير صراي تمر المحمدي والأمير قطلو آقتمر الطَّوِيل العلاي وقصدوا السُّلْطَان وَكَانَ فِي خامة يتحدث مَعَ خاصكيته وَإِذا بضجة فَبعث من يكْشف لَهُ الْخَبَر فَقيل قد ركب المماليك فَأمر من عِنْده بِلبْس السِّلَاح فَمَا تمّ كَلَامه حَتَّى هجموا على الخام وَقَطعُوا الْأَطْنَاب فَأمر بالشموع فأطفئت وَخرج السُّلْطَان. بِمن مَعَه هَارِبا وهم الْأَمِير أرغون شاه والأمير صرغتمش والأمير بيبغا السابقي والأمير بشتاك الخاصكي والأمير أرغون الْعزي والأمير يلبغا الناصري والأمير ألطنبغا فرفور والأمير طشبغا رَأس نوبَة وَذَلِكَ فِي لَيْلَة الْخَمِيس وَقد أعد الْأَمِير قازان أَمِير آخور للسُّلْطَان مَا يركبه هُوَ وَمن مَعَه من مراكب الْخَاص فَرَكبُوا وطلبوا جِهَة الْقَاهِرَة وَلَيْسَ مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم سوى مَمْلُوك وَاحِد حَتَّى قطعُوا الْعقبَة فَإِذا. بِمقدم الهجانة مُحَمَّد بن عِيسَى وَمَعَهُ نَحْو اثْنَي عشر هجينا فَنزل السُّلْطَان عَن فرسه وَركب مِنْهَا وأركب من مَعَه بقيتها وَسَارُوا حَتَّى أَتَوا قبَّة النَّصْر خَارج الْقَاهِرَة فِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي يَوْم قيام المماليك بالقلعة فَسَمِعُوا دق الكوسات حَرْبِيّا فرابهم ذَلِك وبعثوا لكشف الْخَبَر وَتوجه السُّلْطَان وَمَعَهُ الْأَمِير يلبغا الناصري نَحْو الْجَبَل وَدخل بقبة الآمراء قبَّة النَّصْر وناموا فَبَيْنَمَا المماليك راكبين تَحت القلعة إِذْ قبض بعد الظّهْر على رَحل متنكر اسْمه قازان مِمَّن قدم مَعَ السُّلْطَان فَأتى بِهِ إِلَى أكابرهم فعرفهم خبر وقْعَة الْعقبَة ودلهم على مَوضِع السُّلْطَان فَتوجه الْأَمِير أسندمر الصرغتمشى وطولوا الصرغتمشى فِي جمَاعَة إِلَى قبَّة النَّصْر فذبحوا الْأَمِير أرغون شاه والأمير صرغتمش والأمير بيبغا السابقى والأمير بشتاك والأمير أرغون الْعُزَّى الأفرم وَأتوا برءوسهم إِلَى تَحت القلعة وهم يَقُولُونَ صلوا على مُحَمَّد ثمَّ دفعُوا الرُّءُوس إِلَى أَهلهَا فَذَهَبُوا إِلَى جثث الْأُمَرَاء الْخَمْسَة وواروها مَعهَا. وَقد اضْطربَ النَّاس بِالْقَاهِرَةِ وَأَغْلقُوا مَا فتح من الحوانيت وَكثر تخلقهم للْحَدِيث

الصفحة 12