كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك (اسم الجزء: 5)

بموافقتهم بعض الْأُمَرَاء على هَلَاكه فَقَامَ بعلاجه شَيخنَا زكى الدّين أَبُو البركات مُحَمَّد الْفَقِيه لمالكي وَشَيخنَا جلال الدّين جَار الله وَهُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ قطب الدّين أَبى عبد الله مُحَمَّد بن شرف الدّين أَبى الْبَقَاء مَحْمُود النَّيْسَابُورِي الْحَنَفِيّ حَتَّى تمّ بُرْؤُهُ. وَفِي أثْنَاء ذَلِك ألزم بعض أُمَرَاء الدولة قاضى الْقُضَاة شرف الدّين بن مَنْصُور الْحَنَفِيّ أَن يحكم لَهُ باستبدال بعض الدّور الْمَوْقُوفَة. بِملك أحسن مِنْهُ على مُقْتَضى مَذْهَب أَبى حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ الِاسْتِبْدَال بالأوقاف حِينَئِذٍ غير مَعْمُول بِهِ فِي مصر وَالشَّام يتْركهُ قُضَاة الْحَنَفِيَّة تنزها وتحرجا لما فِيهِ من الْخلاف فَامْتنعَ ابْن مَنْصُور من الِاسْتِبْدَال للأمير فَلَمَّا ألح عَلَيْهِ فِي ذَلِك عزل نَفسه فِي يَوْم الْأَحَد تاسعه فَتحدث لِجَار الله بعض من يعْنى بِهِ مَعَ السُّلْطَان فِي ولَايَة الْقَضَاء وَهُوَ إِذْ ذَاك مُقيم عِنْد السُّلْطَان ليعالج مَرضه فَأجَاب إِلَى ولَايَته وخلع عَلَيْهِ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشرينه وَاسْتقر عوضا عَن شرف الدّين بن مَنْصُور. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشرينه: عوفي السُّلْطَان من مَرضه وَعبر الْحمام وَصلى بِجَامِع القلعة على الْعَادة فدقت البشائر ثَلَاثَة أَيَّام وَنُودِيَ بزينة الْقَاهِرَة ومصر فزينتا زِينَة عَظِيمَة ونثر على السُّلْطَان لما خرج إِلَى الْجُمُعَة ذهب كثير فانتكس بعد يَوْمَيْنِ. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع عشر شعْبَان: أخرج السُّلْطَان إخْوَته وَبنى أَعْمَامه ذُرِّيَّة قلاوون بأجمعهم وَمَعَهُمْ حرمهم إِلَى مَدِينَة الكرك وَكَانَ الْوَقْت شتاء بَارِدًا فتألم النَّاس لذَلِك وَسَار بهم الْأَمِير سودن الشيخوني هَذَا وَالسُّلْطَان مَرِيض وحركة السّفر مستمرة. وَفِي سادس عشرينه: أنعم على كل من الْأَمِير يلبغا المنجكي والأمير مغلطاي البدري بإمرة طبلخاناة وعَلى كل من قطلوبغا البزلارى وطشتمر المحمدي اللفاف وألطنبغا العلائي بإمرة عشرَة. وَفِي سَابِع عشرينه: خلع على الطواشي ظهير الدّين مُخْتَار الحسامي وَاسْتقر مِنْهُم المماليك عوضا عَن مُخْتَار شاذروان بعد مَوته وأنعم على الْأَمِير فَخر الدّين إِيَاس الصرغتمشى بإمرة طبلخاناة وَاسْتقر أستادارا ثَانِيًا. وَفِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشر شهر رَمَضَان: عزل الْأَمِير أقتمر الْحَنْبَلِيّ من نِيَابَة السلطنة وَاسْتقر أَمِيرا كَبِيرا يجلس بالإيوان وَقت الْخدمَة وخلع على الْأَمِير آقتمر عبد الْغنى وَاسْتقر حَاجِب الْحجاب وأبطلت النِّيَابَة وخلع على الْأَمِير بلوط الصرغتمشى

الصفحة 6