كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأمُرُكَ أن تَعْتَزِلَ امْرأتَكَ، فَقُلْتُ: أطَلِّقُهَا أمْ مَاذَا أفْعَلُ؟ قَالَ: لا بَلْ اعْتَزِلْهَا وَلا تَقْرَبْهَا، وأرْسَلَ إلى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لِامْرأتِي: الْحَقِي بِأهْلِكِ فَتكُونِي عِنْدَهُمْ حتى يَقْضِيَ اللهُ في هَذَا الأمْرِ، قَالَ كَعْبُ: فَجَاءَتْ امْرأةُ هِلَالِ بْنِ أمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ هِلالَ بْنَ أمَيَّةَ شَيْخ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِم، فَهَلْ تَكْرَهُ أن أخدِمَهُ، قَالَ: لا، وَلَكِنْ لا يَقرَبْكِ، قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللهِ ما بِهِ حَرَكَة إِلَى شَيْءٍ، وَاللهِ ما زَالَ يَبْكِي مُنذُ كَانَ مِنْ أمرِهِ مَا كَانَ إلى يَوْمِهِ هذَا، فَقَالَ لِي بَعْضُ أهْلِي: لو استَأذَنْتَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في امْرَأتِكَ، كما أذِنَ لامْرأةِ هِلَالِ بْنِ أمَيَّةَ أن تَخْدِمَهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لا اسْتَأذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وما يُدْرِيني مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأذَنْتُهُ فِيهَا، وأَنا رَجُلٌ شَابٌ، فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، حَتَّى كَمُلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً من حِينِ نَهى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلامِنَا، فلما صَلَّيْتُ صَلاةَ الْفَجْرِ صُبح خَمْسِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأصبحوا يعاملونك بعداوة وجفاء" ولم يجعلك الله بدار هوان " أي ولست ممن يقبل الضيم، أو يرضي الإِقامة بأرض يهان فيها "ولا مضيعة " أي ولست ممن يضيع حقه، أو تهدر كرامته " فألحق بنا نواسك " أي فاحضر إلينا تجد كل مواساة وعون وإكرام " فقلت لما قرأتها: وهذا والله من البلاء " أي وهذا امتحان آخر يَبْتَلِيني الله به، لأن ملك غسان أراد بذلك أن ينتهز هذه الفرصة ليفتن كعب بن مالك عن دينه " فتيممت بها التنور " أي فقصدت بها التنور فألقيتها فيها " فسجرته بها " أي فأشعلت ناره بها " حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيني فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تعتزل امرأتك " أي أن لا تقربها ولا تباشرها "فقلت لامرأتي الحقي

الصفحة 15