كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

لَيْلَةً، وأَنا على ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَينَا أنَا جَالِسٌ علَى الْحَال الذي ذَكَرَهُ اللهُ تعالى: قَدْ ضَاقَتْ علَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عليَّ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارخٍ أوفَى على جَبَلِ سَلْعٍ بأعلى صَوْتِهِ: يا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أبشِرْ، قَالَ: فخَرَرْتُ سَاجِداً، وعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وآذَنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاةَ الْفَجْرِ، فذهَبَ النَّاسَ يُبَشَرونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشَرُونَ، وَرَكَض إليَّ رَجُلٌ فرَساً، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فأوْفَى علَى الْجبَلَِ، فكَانَ الصَّوْتُ أسْرَعَ مِنَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بأهلك" بفتح الحاء أي اذهبي إلى دار أهلك " فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إنَّ هلال بن أمية شيخ " أي رجل عجوز، وشيخ كبير طاعن في السن، " ضائع " أي غير قادر على خدمة نفسه لضعف جسمه " فهل تكره أن أخدمه قال: لا، ولكن لا يقربك " أي لا يباشرك أي مباشرة زوجية " قالت: إنه والله ما به حركة " أي ليس له أي رغبة أو حركة إلى النساء لسوء حالته النفسية " فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة " أي من صبح الليلة المكملة للخمسين ليلة " فبينما أنا جالس على الحال الذي ذكره الله " أي على الصفة التي وصفنا الله تعالى بها في قوله عز وجل (وضاقت عليهم الأرض بما رحبت) " قد ضاقت عليَّ نفسي " لما كنت أشعر به من ضيق الصدر، وامتلاء القلب بالهموم والغموم " وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت " أي وشعرت بأن هذه الأرض الواسعة قد ضاقت عليَّ من شدة الألم والحزن والخوف الذي أصابني " سمعت صوت صارخ " أي صوت رجل ينادي بأعلى صوته " أوفى على جبل سلع " أي صعد فوق جبل سلع، وصار ينادي " يا كعب بن مالك أبشر، قال: فخررت ساجداً " حمداً لله تعالى وشكراً له على توبته عليه " وآذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتوبة الله علينا " أي أعلن

الصفحة 16