كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

الْفَرَسِ فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَي فَكَسَوْتُهُ إِيَاهُمَا بِبُشْرَاهُ، واللهِ مَا أمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، واسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وانْطَلَقْتُ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجاً فَوجاً يُهَنِّؤُونِي بالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبُ: حتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إليَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حتَّى صافَحَنِي، وَهَنَّأنِي، وَاللهِ مَا قَامَ إليَّ رَجُل مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، ولا أنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبُ: فَلمَّا سَلَّمْتُ على رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ رَسُولُ اللهَ - صلى الله عليه وسلم - وَهُو يَبْرقُ وَجْهُهُ مِنَ السرورِ: أبشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عليكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أمُّكَ، قَالَ قُلْتُ: أمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ أمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ قَالَ: لا، بَلْ مِنْ عِنْدِ الله، وكانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في الناس توبة الله علينا، " وركض إليَّ رجل فرساً " أي وامتطى رجل جواداً واستحثه على الإِسراع إليَّ، فجاء يجري بسرعة كي يبشرني بهذه البشارة " وسعى ساع من أسلم " أي وجاء رجل آخر يجري بسرعة " فأوفى على الجبل " أي صعد فوق جبل سلع، فجعل ينادي بأعلى صوته يبشرني بالتوبة " فلما جاءني الذي سمعت صوته نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه " أي كسوته ثَوْبيَّ اللذين لا أملك غيرهما، مكافأة له على بشارته لي " وانطلقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلقاني الناس فوجاً فوجاً " أي جماعة جماعة " يهنئوني بالتوبة يقولون: لتهنك توبة الله عليك " بكسر النون كما رجحه الحافظ، وقال السفاقسي: الأصوبُ فتح النون لأنه من الهناء " فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبرق وجهه من السرور " أي يتلألأ وجهه تلألؤ البرق من شدة الفرح: " أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك "

الصفحة 17