كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمَ".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب" أي عندما يشعر باشتداد الغم عليه، واستيلائه على نفسه الشريفة: قال ابن علان: " الكرب " بفتح فسكون هو الأمر الذي يشق على الإنسان، ويملأ صدره غيظاً. وقال الواحدي: الكرب أشد الغمّ، فكان - صلى الله عليه وسلم - يلجأ إلى هذا الدعاء المبارك قائلاً: " لا إله إلاّ الله " أي لا معبود بحق سوى الله " العظيم " أي العظيم القدر، الجليل الشأن في ذاته وصفاته وأفعاله " الحليم " أي الذي لا يعاجل العاصي بالعقوبة، بل يؤخرها، وقد يعفو عنه مع القدرة عليه، " لا إله إلاّ الله رب العرش العظيم " قال ابن علان (¬1) " العظيم " بالجر عند الجمهور، وقال الداودي: هو بالرفع صفة رب، قال القاري: أي فلا يطلب إلاّ منه، ولا يسأل إلاّ عنه، لأنه لا يكشف الكرب العظيم إلاّ الرَّبُّ العظيم (¬2) " لا إله إلاّ الله رب السموات والأرض " أي خالق كل شيء فيهما، ومالكه، ومصلحه، والمتصرف فيه كيف شاء وكما شاء. " رب العرش الكريم " بالجر صفة للعرش، فقد وصفه بالكرم، أي بالحسن من جهة الكيفية، ووصفه بالعظمة من جهة الكمية.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: قال الشوكاني في هذا (¬3) الحديث مشروعية الدعاء بما اشتمل عليه لمن نزل به كرب، وبعد فراغه يدعو بأن يكشف الله عنه كربه، ويذهب عنه ما أصابه، ويدفع عنه ما نزل به، قال الطيبي: هذا ذكر يترتب عليه رفع البلاء والكرب (¬4) فإن قيل: هذا
¬__________
(¬1) " دليل الفالحين شرح رياض الصالحين ".
(¬2) " المرقاة شرح المشكاة " ج 3.
(¬3) " تحفة الذاكرين شرح الحصن الحصين " للشوكاني.
(¬4) " المرقاة شرح المشكاة " ج 4.

الصفحة 281