كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

أن لا يطأ زوجته حيناً فأفتاه أبو بكر بأن الحين الأبد، وأفتاه عمر بأنه أربعون سنة (¬1)، وعثمان بأنه سنة واحدة، وعلي بأنه يوم وليلة، فعرض الرجل ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم، فقال لأبي بكر: ما دليلك على أن الحين الأبد؟ قال: قوله تعالى في حق قوم يونس: (وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) أي أبقيناهم متمتعين إلى يوم القيامة. وقال لعمر: ما دليلك على أن الحين أربعين سنة؟ قال: قوله تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) فالإِنسان آدم، وقد ألقيت طينته على باب الجنة أربعين سنة، وقال لعثمان: ما دليلك على أنه عام؟ قال: قوله تعالى: (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ) أي تعطي النخلة ثمرها كل عام. وقال لعلي: ما دليلك على أنه يوم وليلة؟ قال: قوله تعالى: (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) فأثنى عليهم - صلى الله عليه وسلم - جميعاً - وأمر الرجل أن يأخذ بقول علي تخفيفاً عليه (¬2).
" أما تقسيم السنة من جهة السند "
فإن السنة تنقسم من حيث السند إلى ثلاثة أقسام. الأول السنة المتواترة: وهي التي يرويها جمع غفير يستحيل تواطؤهم على الكذب عن مثلهم عن مثلهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والأحاديث المتواترة قليلة جداً، وقد مثل لها ابن الصلاح بحديث " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " وذكر البزار أنه رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو أربعين رجلاً من الصحابة رضوان الله عليهم (¬3) وليس في الدنيا حديث اجتمع هذا العدد على روايته غيره. والأحاديث المتواترة موجودة وإن كانت نادرة، وقد جمعها العلماء في تآليف خاصة منها " الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة " للسيوطي (¬4) و " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " لأبي عبد الله محمد
¬__________
(¬1) شرح الجرداني على الأربعين النووية.
(¬2) وسنة الخلفاء الراشدين متبعة كاتباع السنة، بخلاف غيرهم من ولاة الأمور. (ع).
(¬3) وفيهم من قال: رواه نحر المئتين. (ع).
(¬4) المتوفي سنة (911) هـ و" عقد اللآلىء المتناثرة في الأحاديث المتواترة " للمرتضى الزبيدي المتوفي سنة (1205) هـ. (ع).

الصفحة 364