كتاب منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (اسم الجزء: 5)

" المصباح " هرول أسرع في مشيه، وهو بين المشي والعدو.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: الترغيب في حسن الظن في الله تعالى، قال الكرماني: في السياق إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على جانب الخوف، وهو كما قال المحققون من أهل العلم: خاص بالمحتضر، ويؤيد ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يموتن أحدكم إلاّ وهو يحسن الظن بالله " أخرجه مسلم. وأما قبل الاحتضار (¬1) فقد اختلف العلماء أيهما أفضل الخوف أم الرجاء على ثلاثة أقوال: (أ) الخوف أفضل (ب) الرجاء أفضل، (ج) الاعتدال أفضل، وقد قيل: الخوف والرجاء جناحا المؤمن، ومعنى حسن الظن بالله كما قال القرطبي: ظن القبول عند التوبة، والإِجابة عند الدعاء، والمغفرة عند الاستغفار، والثواب عند فعل العبادة بشروطها، تمسكاً بصادق وعده، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ادعو الله وأنتم موقنون بالإِجابة ". اهـ. ثانياًً: إثبات أن لله تعالى " نفساً وذاتاً " لقوله تعالى: " ذكرته في نفسي " وهو ما تنكره الجهمية، حيثَ يقولون: إن الله ليس بشيء ولا حي، قال ابن بطال: " والمراد بنفس الله ذاته " والذي عليه أهل السنة أن لله ذاتاً موصوفة بصفات الكمال، قال في " شرح الطحاوية ": وليس في الخارج ذات غير موصوفة، فإن هذا محال، وقال ابن بطال: أسماء الله تعالى على ثلاثة أضرب. أحدها: يرجع إلى ذاته وهو الله.
والثاني: يرجع إلى صفة قائمة به كالحي. والثالث: يرجع إلى فعله كالخالق وطريق إثباتها السمع. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي وابن ماجه. والمطابقة: في قوله: " ذكرته في نفسي ".
...
¬__________
(¬1) أي اختلفوا أيهما أرجح في حال الصحة والعافية؟ فرجح بعضهم جانب الخوف، لأن رأس الحكمة مخافة الله، ورجح بعضهم الاعتدال، ورجح بعضهم الرجاء.

الصفحة 373