كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

يَكُنْ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ فَيُعَذَّبُوا بِهَا، فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُجَازُوا بها، فيكونوا من أَهْلِ الْجَنَّةِ» .
[الْحَدِيثُ الثَّالِثُ] عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُؤْتَى بِأَرْبَعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: بِالْمَوْلُودِ، وَالْمَعْتُوهِ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ، وَالشَّيْخِ الْفَانِي الْهَرِمِ كُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ» فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لِعُنُقٍ مِنَ النَّارِ ابْرُزْ، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنِّي كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَى عِبَادِي رُسُلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنِّي رَسُولُ نَفْسِي إِلَيْكُمُ ادْخُلُوا هَذِهِ، قَالَ: فَيَقُولُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ: يَا رَبِّ أَنَّى نَدْخُلُهَا وَمِنْهَا كُنَّا نَفِرُّ؟ قال: ومن كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعا، فقال: فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
أَنْتُمْ لِرُسُلِي أَشَدُّ تَكْذِيبًا وَمَعْصِيَةً، فَيُدْخِلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ وَهَؤُلَاءِ النَّارَ، وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهَ.
[الْحَدِيثُ الرَّابِعُ] عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ أَيْضًا: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ دَاوُدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: «هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ» وَسُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «هُمْ مَعَ آبَائِهِمْ» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَعْمَلُونَ؟ قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِمْ» وَرَوَاهُ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْبَرَاءِ عَنْ عَائِشَةَ، فَذَكَرَهُ.
[الْحَدِيثُ الْخَامِسُ] عَنْ ثَوْبَانَ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَظَّمَ شَأْنَ الْمَسْأَلَةِ قَالَ «إِذَا كَانَ يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوزارهم عَلَى ظُهُورِهِمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا لَمْ تُرْسِلْ إِلَيْنَا رَسُولًا، وَلَمْ يَأْتِنَا لَكَ أَمْرٌ، وَلَوْ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا لَكُنَّا أَطْوَعَ عِبَادِكَ، فَيَقُولُ لَهُمْ رَبُّهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ تُطِيعُونِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَعْمِدُوا إِلَى جَهَنَّمَ فَيَدْخُلُوهَا، فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهَا وَجَدُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا، فَرَجَعُوا إِلَى رَبِّهِمْ، فَيَقُولُونَ:
رَبَّنَا أَخْرِجْنَا أَوْ أَجِرْنَا مِنْهَا، فَيَقُولُ لَهُمْ: أَلَمْ تَزْعُمُوا أَنِّي إِنْ أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ تُطِيعُونِي فَيَأْخُذُ عَلَى ذَلِكَ مَوَاثِيقَهُمْ، فَيَقُولُ: اعْمَدُوا إِلَيْهَا فَادْخُلُوهَا، فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذَا رَأَوْهَا فَرِقُوا منها ورجعوا وقالوا: رَبَّنَا فَرِقْنَا مِنْهَا وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَدْخُلَهَا، فَيَقُولُ: ادْخُلُوهَا دَاخِرِينَ «فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَوْ دَخَلُوهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ كَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا» ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: وَمَتْنُ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَيُّوبَ إِلَّا عَبَّادٌ، وَلَا عَنْ عَبَّادٍ إِلَّا رَيْحَانُ بْنُ سعيد.
قلت: وقد ذكره ابن حيان فِي ثِقَاتِهِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ: لا بأس به، ولم يرو عنه أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ لَا بَأْسَ بِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ.

الصفحة 51