كتاب تفسير ابن كثير ط العلمية (اسم الجزء: 5)

مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ بها وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ» وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ «1» مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو بِهِ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ لَيْسَ فِيهِ أَنَسٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ» «2» .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ «3» مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ طَرْخَانَ التَّيْمِيِّ وَثَابِتٍ البناني، كلاهما عن أنس، قال النسائي: هذا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ قَالَ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، مَرَّ عَلَى مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسًا أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ بِمُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، قَالَ أَنَسٌ ذُكِرَ أَنَّهُ حُمِلَ عَلَى الْبُرَاقِ فَأَوْثَقَ الدَّابَّةَ أَوْ قَالَ الْفَرَسَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صِفْهَا لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هي كذه وذه» فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ رَآهَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنَيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَا أَنَا نائم إِذْ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَكَزَ بَيْنَ كَتِفِي فَقُمْتُ إِلَى شَجَرَةٍ فِيهَا كَوَكْرَيِ الطَّيْرِ، فَقَعَدَ فِي أَحَدِهِمَا وَقَعَدْتُ فِي الْآخَرِ، فَسَمَتْ وَارْتَفَعَتْ حَتَّى سَدَّتِ الْخَافِقَيْنِ، وَأَنَا أُقَلِّبُ طَرْفِي وَلَوْ شِئْتُ أَنَّ أَمَسَّ السَّمَاءَ لَمَسِسْتُ، فَالْتَفَتُّ إِلَيَّ جِبْرِيلُ كَأَنَّهُ حِلْسٌ لَاطَ «4» فَعَرَفْتُ فَضْلَ عِلْمِهِ بِاللَّهِ عَلَيَّ، وَفُتِحَ لِي بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ فَرَأَيْتُ النُّورَ الْأَعْظَمَ، وَإِذَا دُونَ الْحِجَابِ رَفْرَفُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَأُوحِيَ إِلَيَّ مَا شَاءَ اللَّهُ أن يوحى» ثم قال ولا نعلم روى هذا الحديث إِلَّا أَنَسٌ وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ إِلَّا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَكَانَ رَجُلًا مَشْهُورًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.
وَرَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الحسين، عن سعيد بن منصور فذكره بِسَنَدِهِ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِهِ وَلُطَّ دُونِي، أَوْ قَالَ دُونَ الْحِجَابِ رَفْرَفُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عن محمد بن
__________
(1) كتاب الأدب باب 35.
(2) أخرجه أحمد في المسند 3/ 120.
(3) كتاب الفضائل حديث 164.
(4) الحلس، بكسر فسكون: الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، ولط بالأمر يلطه لطا: لزمه. [.....]

الصفحة 8