كتاب لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ

أجداده- ابن أحمد بن أحمد بن محمد بن شهاب بن عبد الخالق بن محمد بن مسافر الكناني العسقلاني الشافعي إمام الأئمة وعلم الأمة:
حاز كل الفخر وهو أعجوبة الدهر خاتمة المجتهدين ومن دان لفضله كل عالم من أئمة الدين شيخ الوقت وحجته وإمامه ونادرته فقيه الزمان بالاتفاق وشيخ الإسلام على الإطلاق أعلم أهل عصره بجميع العلوم وأدراهم بالمنطوق والمفهوم مفتي الأنام وملك العلماء الأعلام عون الإسلام والمسلمين وحجة الله تعالى على خلقه أجمعين أبو حفص سراج الدين مولده في ليلة الجمعة الثاني عشر من شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة بغربي أرض مصر ببلقينة فنشأ بها وحفظ القرآن العظيم وله من العمر سبع سنين وحفظ في الفقه المحرر وفي الأصول مختصر ابن الحاجب وفي القراآت الشاطبية وفي النحو الكافية لابن مالك، وقدم مصر في سنة سبع وثلاثين مع والده وله اثنتا عشرة سنة فعرض بها محفوظاته على علماء الوقت فبهرهم بذكائه وسرعة إدراكه وعاد إلى بلده فلما كان في سنة ثمان وثلاثين رجع مع أبيه غلى القاهرة وقد ناهز الاحتلام فاستوطنها وسكن الكاملية مدة.
وكان في أول قدومه طلب من ناظرها بيتا فاعتل عليه ولم يعطه شيئا فقرئت قصيدة في مدح الناظر وهو حاضر فلما انتهت قراءتها أعاد عليه السؤال في البيت مما أنعم1 له به فقال له: قد حفظت هذه القصيدة من المنشد في مرة وأطلب بيتا فلا أجاب إليه! فقال الناظر له: إن كنت حفظتها أعطيتك البيت فسردها في الحال فبادر له ببيت في الدور الثاني فوق باب الميضأة وأقام به مدة ثم انتقل إلى بيته المعروف به بقرب الصهريج الذي بها وولي بها عند القاضي عز الدين بن جماعة نقابة الحديث وواظب على حضور الدرس بالقاهرة وأكب على الاشتغال في فنون العلم والفقه والأصول والفرائض والنحو حتى فاق رفقاءه ثم أقبل على الحديث وحفظ متونه ورجاله فحاز من ذلك علما جما حتى أربى على أقرانه وصار أحفظ أهل زمانه لمذهب الشافعي -رضي الله عنه- فاشتهر بذلك، وطبقة شيوخه متوفرة ولم تر العيون أحفظ منه خصوصا لأحاديث الأحكام والفقه، وطلب الحديث فسمع منه الكثير غالبه بغير اعتناء من ذلك على أحمد بن محمد بن عمر الحلبي آخر أصحاب الكمال الضرير وأبي الحسن بن السديد2 ومحمد بن عالي وأحمد بن كشتغدي والخطيب أبي
__________
1 قال الطهطاوي: ولعل الصواب "فما أنعم".
2 والصواب "الحسن بن السديد" بحذف كلمة أبي كما في عبارة الحافظ ابن حجر في معجمه وإنبائه وكما عبر المؤلف فيما سبق له في الصفحة "114" والصفحة "198" أو "أبي محمد الحسن بن السديد" وهو بدر الدين أبو محمد الحسن بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي البركات بن أبي الفوارس المعروف بابن السديد الإربلي ثم الدمشقي "المتوفى سنة 748 من 90 سنة". "الطهطاوي".

الصفحة 135