كتاب ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني

والتنكزية وأم الملك الصالح ولم يزل يكتب وينتقي ويصنف حتى أضر في سنة إحدى وأربعين، ومات في ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق ودفن بمقبرة الباب الصغيرة -رحمه الله تعالى- وكان قد جمع القراآت السبع على الشيخ أبي عبد الله بن جبريل المصري نزيل دمشق، فقرأ عليه ختمة جامعة لمذاهب القراء السبعة بما اشتمل عليه كتاب التيسير لأبي عمرو الداني وكتاب حرز الأماني لأبي القاسم الشاطبي وحمل عن الكتاب والسنة خلائق، والله تعالى يغفر له.
أخبرنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي سماعًا عليه سنة إحدى وأربعين وسبعمائة قال: أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق الأبرقوهي سماعًا عليه بمصر سنة خمس وتسعين وستمائة قال: أخبرنا أبو القاسم المبارك بن أبي الحسن بن أبي القاسم بن أبي الجود قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي غالب الوراق قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المُخلِّص1 قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي2 قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إن رجلًا زار أخًا له في قرية فأرصد الله -عز وجل- بمدرجته ملكًا فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أردت أخًا لي فيه قرية كذا وكذا. قال: هل لك عليك من نعمة تبربها؟ قال: لا، إلا أني أحبه في الله تعالى. قال: إني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه" رواه مسلم 3 عن عبد الأعلى، فوافقناه بعلو ولله الحمد.
وأنشد سيدنا الإمام العالم العلامة قاضي القضاة تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب ابن شيخنا العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبي الحسن علي بن عبد الكافي السبكي قال: أنشدنا أبو عبد الله الذهبي الحافظ لنفسه:
تولى شبابي كأن لم يكن ... وأقبل شيب علينا تولى
ومن عاين المنحني والنفي ... فما بعد هذين إلا المصلي
وفي سنة ثمان وأربيعن مات بدمشق قاضي القضاة وشيخ الشيوخ شرف الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي معين الدين أبي بكر بن الحسام الأفرم بن عبد الوهاب
__________
1 بضم الميم وكسر اللام المشددة أبو طاهر الذهبي، وبالمخففة جماعة على ما في مشتبه الذهبي، ولم يذكر ابن حجر الأول في نزهة الألباب في الألقاب.
2 نسبة إلى جده نصر وكانت الفرس يقولون نرس فلا يفصحون به فغلب عليه كما في المشتبه.
3 في كتاب البر حديث 38.

الصفحة 23