كتاب لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ

ولم يزل للمذاكرة بالعلم متصديًا وللثقة والأمانة متحريًا ولي نقابة السادة الأشراف والنظر على مالهم من الأوقاف، وكان محمود الأثر مشكور الورد والصدر وكان بأنسابهم عالما وبضبط أحوالهم قائما، أخبرني والدي -رحمه الله تعالى- أنه كان جالسًا معهم حين ورد عليه المرسوم بهذه التولية فأنشده ارتجالًا على سبيل التهنئة:
أنصف الدهر غاية الإنصاف ... فهنيئا للسادة الأشراف
بإمام حوى فنون المعالي ... من بني هاشم بن عبد مناف
وذكر لي أبياتًا لم يبقَ على ذهني منها إلا ما أثبته. انتهى. مات في ليلة الثلاثاء السادس من المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة وكان الجميع في الصلاة عليه متوافرين ودفن بقرافة سارية رحمه الله تعالى.
وفي هذه السنة توفي بالقاهرة في صفر شيخ الفقهاء الحنابلة العلامة الكبير نجم الدين أبو عبد الله أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الحنبلي عن اثنتين وتسعين سنة، والمقري أبو الفضائل أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الحسيني الدمشقي خادم المصحف بمشهد علي بن الحسين في ذي الحجة، والشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الهادي1 الصعيدي في أوائل السنة وله ثلاث وثلاثون سنة2، وتاج الدين الحسن بن أحمد بن بندار الهمذاني الصوفي مع الشريف عز الدين في الليلة التي توفي فيها وصلى عليه من الغد، وقاضي الحنابلة الإمام شرف الدين الحسن بن عبد الله ابن الشيخ أبي عمر بن قدامة المقدسي في شوال عن سبع وخمسين سنة، والزاهدة أم محمد زينب بنت علي بن أحمد بن فضل الواسطي في المحرم وقد ناطحت التسعين، والتقي شبيب بن حمدان3 بن شبيب بن حمدان الحراني الكحال الطبيب الشاعر، وسحنون العلامة أبو القاسم عبد
__________
1 والذي في حسن المحاضرة وشذرات الذهب "ابن عبد الباري" في شرح ألفية العراقي للشمس السخاوي في مبحث الإجازة العامة. وهو صعيدي الأصل إسكندري النشأة أخذ عن علمائها. "الطهطاوي".
2 والذي في حسن المحاضرة وشذرات الذهب "ثلاث وثمانون سنة" وهو الصواب لأنه كما هو مذكور في ترجمته أخذ القراآت عن أبي القاسم عيسى بن مكي العامري المصري وروى عن أبي الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمداني الإسكندري والجمال أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد بن إسماعيل المعروف بابن الصفراوي الإسكندري وقد توفي الأول سنة تسع وأربعين وستمائة والثاني والثالث سنة ست وثلاثين وستمائة. "الطهطاوي".
3 وهو أخو نجم الدين أحمد بن حمدان السابق ذكره وقد توفي بعده بنحو شهرين لأنه توفي في شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة وهو في عشرة الثمانين، والأول توفي في سادس صفر منها. "الطهطاوي".

الصفحة 63