كتاب لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ

الغرّافي علي بن أحمد بن عبد المحسن بن أبي العباس الحسيني الإسكندري السيد الشريف الإمام العلامة تاج الدين أبو الحسن:
كان فقيهًا إمامًا عالمًا ثقة مولده بعد العشرين وستمائة1 روى عن جماعة منهم أبو الحسن القطيعي وابن عمار وابن مهروز، تفرد ورحل إليه، قال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس في أجوبته لمسائل ابن أيبك عن أحفظ من لقي في وصفه: ثم دخلت الإسكندرية وكتبت بها في رحلتي الأولى وما بعدها عن زهاء مائة شيخ لم يكن منهم من يشار بالعلم إليه ويعول في المعرفة عليه إلا السيد الشريف الإمام العالم المحدث المفيد تاج الدين، إلى أن قال: فإنه كان ذا معرفة وإتقان وتقدم بين الأقران له أسانيد عليه ونظر في الفقه وأهلية، كان أبوه تاجرًا فرحل به صغيرًا وأسمعه كثيرًا وحصل له علما غزيرا بنقله من بلد إلى بلد ويسمعه خيار ما وجد عن أعيان ذوي السن والسند لعمري كان أبوه من أهل الاتفاق في الانتقاء والمعرفة بتلك التي ترقيه أعلى مرتقى أسمعه ببغداد وحلب ودمشق ومصر والقاهرة والإسكندرية وغير ذلك من البلاد ولم يفته عوالي الإسناد وأفاد من كل ذلك خيار ما ألفاه هنالك، ثم روى هو بعد ذلك وكتب ولم يخلُ من بعض الطلب وإنما انتفع بإسناده الأول ولم يكن له على غيره معول، كان شيخًا بدار الحديث البهية2 على طريقة من الثقة والعدالة المرضية كتب عنه شيخنا أبو الفتح محمد بن علي القشيري وجماعة من الأكابر. انتهى. وكانت وفاته بالإسكندرية في السابع من ذي الحجة الحرام سنة أربع وسبعمائة وله ست وسبعون سنة.
وفيها مات بدمشق المعمر ركن الدين أحمد بن عبد المنعم بن أبي الغنائم الطاووسي كبير الصوفية في جماد الأولى وله مائة وسنتان وأشهر تسعة، وبالمدينة الشريفة -على الحالِّ بها أفضل الصلاة والسلام- سلطانها عز الدين بن جماز بن شيحة العلوي الحسيني وقد أضر وشاخ وبمصر عالمها العلم العراقي عبد الكريم بن علي الأنصاري المصري الشافعي المفسر وله نيف وثمانون سنة، وشيخ المغار3 الضيا عيسى بن أبي محمد عبد الرزاق المغاري في شهر ربيع
__________
1 وقد جزم الحافظ الذهبي في معجمة بأنه ولد سنة ثمان وعشرون وستمائة ويوافقه قول المؤلف في آخر الترجمة: وله ست وسبعون سنة. "الطهطاوي".
2 والذي في معجم الحافظ الذهبي "دار الحديث النبيهية بالثغر"، وكذا في الدرر الكامنة في ترجمة التاج الغرافي المذكور وترجمة أخيه عز الدين أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن الغرافي ثم الإسكندري فقد قال في ترجمة الأول: ولي مشيخة دار الحديث النبيهية بالإسكندرية، وقال في ترجمة الثاني: وولي مشيخة دار الحديث النبيهية بعد أخيه. "الطهطاوي".
3 والذي في معجم الحافظ الذهبي وغيره أنه شيخ مغارة الدم فهو منسوب إليها وهي الموضع الذي قتل فيه قابيل أخاه هابيل من جبل قاسيون المشرف على دمشق والظاهر أن المؤلف قال: "وشيخ المغارة" كما عبر صاحب شذرات الذهب وغيره، وقلم الناسخ أسقط الهاء والله أعلم. "الطهطاوي".

الصفحة 66