كتاب لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ

سنة اثنتين ولم يكن بالكاملية وإنما خرج إلى بستان خارج باب الخرق1 فأقام به إلى أن توفي في أوائل صفر سنة اثنتين وسبعمائة، ثم سألت عن ذلك تاج الدين عبد الرزاق شاهد الخزانة وكان مخصوصًا بخدمة الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد فذكر نحو ذلك وأن الشيخ أقام ضعيفًا مدة شهرين أو أكثر إلى أن توفي بالبستان، وقد تكلم الحافظ صلاح الدين العلائي على هذا الجزء في جزء لطيف أنكر فيه سماعه على جماعة ممن ادعى أنه سمعه عليه، سمعه منه شيخنا الحافظ أبو الفضل العراقي، قال -أعني العراقي: وذكر لي أنه وجد سماعا له على الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد لحديث مسند فسألته من أي كتاب؟ فقال لي: من سنن أبي مسلم الكشي، قلت له: فالطبقة بخط من؟ قال: بخط الشيخ تقي الدين نفسه، فسألته أن أقف على ذلك، فتعلل بأن النسخة في بيت الكتب الأسفل بالظاهرية فتحينته إلى أن وجدته في بيت الكتب المذكور فدخلت إليه فسألته أن أقف على سنن أبي مسلم الذي عليه سماعه على الشيخ فتغير وقال لي: ليس هو هنا فغلب على ظني أن ما ادّعاه من السماع عله لا أصل له، فالله يغفر له ويسامحه، ثم رأيت في تركته نسخة من سنن أبي مسلم وقد سمع شيئًا منه على الشيخ تقي الدين بن دقيق العبد2 وليس له فيها سماع على ابن دقيق العيد ألبتة، والله تعالى أعلم. انتهى، وانتقى وخرج وأفاد وكتب الطباق وتخرج بالحافظ أبي الفتح ابن سيد الناس3 وله عدة تآليف مفيدة في الحديث واللغة وغير ذلك منها "شرح البخاري" في عشرين مجلدًا وسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- مختصرة وزوائد ابن حبان على الصحيحين مجلد وترتيبه -أعني صحيح ابن حبان- وكتاب ذيل به على تهذيب الكمال للمزي 4 وفيه فوائد غير أن فيه تعصبًا كثيرًا في أربعة عشر مجلدًا ثم اختصره في مجلدين مقتصرًا فيه على المواضع التي زعم أن الحافظ المزي غلط فيها وأكبر ما غلطه فيه لا يرد عليه وفي بعضه كان الغلط منه هو فيها، ثم اختصر المختصر في مجلد لطيف وذيل على المشتبه لابن نقطة وكذا على كتاب الضعفاء لابن الجوزي وعلى كتاب ليس في اللغة وعلى كتابي الصابوني وابن سليم في المؤتلف والمختلف ووضع شيئًا على الروض الأنف للسهيلي سماه "الزهر
__________
1 يعني بالقاهرة.
2 ولعله سقط من هذه العبارة شيء والأصل "وقد كان يدعي أنه سمع شيئًا منه ... إلخ" أو نحو ذلك بهذا تستقيم العبارة مع ما بعدها وما قبلها "الطهطاوي".
3 قال ابن حجر بعد أن ذكر عدة شيوخ له: وأكثر جدًّا من القراءة بنفسه والسماع وكتب الطباق وكان قد لازم الجلال القزويني فلما مات ابن سيد الناس تكلم له مع السلطان فولاه تدريس الحديث بالظاهرية فقام الناس بسبب ذلك وقعدوا وبالغوا في ذمه وأَلْحَوه ولم يبالِ بهم. وعدة تصانيفه نحو مائة أو أزيد وله مأخذ على أهل اللغة وعلى كثير من المحدثين. ا. هـ. وبينه وبين الحنابلة بعض الضغائن.
4 وهو المسمي بالإكمال، وقد استمد ابن حجر منه كثيرًا في عدة كتب له الرجال.

الصفحة 93