كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وقيل: بعثه مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والذي في البخاري هو الصحيح.
وفي كتاب "الأموال" لأبي عبيد من مرسل عمير بن إسحاق, قال: كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى وقيصر، فأما كسرى فلما قرأ الكتاب مزقه، وأما قيصر فلما قرأ الكتاب طواه ثم رفعه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أما هؤلاء فيمزقون، وأما هؤلاء فسيكون لهم بقية".
__________
منه، فهلك بعد أبيه بستة أشهر، ولم يخلف ذكرا، فملكوا أخته بوران بضم الموحدة, ذكره ابن قتيبة في المعارف، ثم ملكوا أختها أزدميدخت، كما ذكره الطبري, فجر ذلك إلى ذهاب ملكهم ومزقوا، كما دعا به -صلى الله عليه وسلم- هكذا في الفتح، ونقل غيره عن كتاب المعارف لابن قتيبة المذكور أنه تولى بعد شيرويه ابن عمه كسرى بن قياذ بن هرمز وأردشير بن شيرويه وجرهان، ثم ملك بعدهم بوران بنت كسرى، فبلغه -صلى الله عليه وسلم- فقال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، "وقيل: بعثه"، أي الكتاب "مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه"، أخرجه ابن عدي بسند ضعيف عن ابن عباس.
قال الحافظ: فإن ثبت, فلعله كتب إلى ملك فارس مرتين، "والذي في البخاري هو الصحيح"، وفي رواية عمر بن شبة أنه بعثه مع خنيس بن حذافة أخي عبد الله، وهو غلط، فإنه مات بأحد، فتأيمت منه حفصة، وبعث الرسل كان سنة سبع انتهى. وقيل: مع خارجة بن حذافة، ولا يصح لأن خارجة كما في الإصابة, من مسلمة الفتح والبعث كان قبله، وقيل: مع شجاع بن وهب وفيه نظر، فالمروي عند الطبراني وغيره أنه بعث شجاعا إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وبعثهم كان في آن واحد، "وفي كتاب الأموال لأبي عبيد من مرسل عمير" بضم العين مصغرا "ابن إسحاق" أبي محمد، مولى بني هاشم, مقبول من الثالثة، كما في التقريب: قال: كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى وقيصر، فأما كسرى، فلما قرأ الكتاب مزقه، وأما قيصر, فلما قرأ الكتاب طواه، ثم رفعه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أما هؤلاء -أي كسرى وقومه- فيمزقون، وأما هؤلاء فسيكون لهم بقية"، فكان كذلك، فعاش قيصر إلى زمان عمر سنة عشرين على الصحيح، وقيل: مات في زمنه -صلى الله عليه وسلم- والذي حارب المسلمين بالشام ولده ولقبه أيضا قيصر.
وفي حديث التنوخي رسول هرقل أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يا أخا تنوخ, إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه, والله ممزقه وملكه، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة، فأمسكها، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير".

الصفحة 17