كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

مصفحا بالذهب، فأخرج منه مقلمة من ذهب, فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه، وقد ألصقت عليه خرقة حرير، فقال: هذا كتاب نبيكم لجدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا عن آبائهم إلى قيصر، أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم الملك فينا، انتهى.
وكتب -صلى الله عليه وسلم- إلى النجاشي:
بسم الله الرحمن الرحيم, من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك.
__________
والسين لغات وجمعه: صناديق، كما في القاموس "مصفحا بالذهب، فأخرج منه مقلمة من ذهب"، بكسر الميم: وعاء الأقلام، كذا في المصباح، وانتقده شيخنا بأن المناسب لتفسيرها بالوعاء أن يكون بالفتح اسم مكان, أما بكسرها فيقتضي أنها اسم آلة, وهي الواسطة بين الفاعل ومن فعله القريب، "فأخرج منها كتابا قد زالت أكثر حروفه، وقد ألصقت عليه خرقة حرير، فقال: هذا كتاب نبيكم لجدي قيصر, ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا عن آبائهم إلى قيصر أنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال"، أي: يدوم "الملك فينا، فنحن نحفظه غاية الحفظ، ونعظمه ونكتمه عن النصارى، ليدوم الملك فينا"، وسماه تحفة؛ لأنه من آثاره -صلى الله عليه وسلم- فهو أعظم شيء يتحفه به, "انتهى".
قال في الفتح: ويؤيد هذا مرسل عمير بن إسحاق، فذكره، وقوله -صلى الله عليه وسلم: "إني كتبت إلى صاحبكم بصحيفة، فأمسكها، فما يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير"، فانظر تفاوت الناس، وكونهم معادن حتى في الكفر.
وقد روي أن كسرى أهدى له بغلة، وأعل بأنه مزق الكتاب، كما يأتي للمصنف في الفصل التاسع من ذا المقصد، وأجيب بجواز أن المهدي شيرويه ابنه أو غيره ممن تولى بعده، على أنه لا يلزم من التمزيق عدم الإهداء؛ لأنه مزقه لما جاءه للشقاوة التي كتبت عليه، ثم يحتمل أنه لما خلا بنفسه خاف لاستيقانه نبوته، فأهدى له البغلة والعلم لله، "وكتب -صلى الله عليه وسلم- إلى النجاشي".
قال في الإصابة: بفتح النون على المشهور، وقيل: تكسر عن ثعلب، وتخفيف الجيم، وأخطأ من شددها عن المطرزي وتشديد آخره.
وحكى المطري التخفيف، ورجحه الصغاني انتهى. وذكره الواقدي، ورواه البيهقي عن ابن إسحاق أن لفظه "بسم الله الرحمن الرحيم, من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك

الصفحة 19