كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

ولكن أعواني من الحبش قليل، فأنظرني حتى أكثر الأعوان وألين القلوب".
ثم كتب النجاشي جواب الكتاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم.
بسم الله الرحمن الرحيم. إلى محمد رسول الله, من النجاشي أصحمة، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني للإسلام، أما بعد: فقد بلغني كتابك يا رسول الله، فما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى -عليه الصلاة والسلام- لا يزيد على ما ذكرت ثفروفا،
__________
الألواح، فلمَّا عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت"، رواه أحمد وغيره بسند صحيح عن ابن عباس؛ لأن معناه أن الخبر يفيد العلم بصفة إجمالية، والمعاينة تفيد حصولها وتصورها عند الرائي، وذلك لا يفيده الإخبار، أو الحديث حكم على المجموع، ومنه فعل موسى، وقول النجاشي، أي: عندي حق لو رأيته ما زدت على اليقين؛ كقوله: لو كشف الغطاء ما زددت يقينًا، "ولكن أعواني من الحبش قليل، فأنظرني" أخرني "حتى أكثر الأعوان وألين القلوب" إلى الإسلام.
قال ابن سعد: فأخذ الكتاب، ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره، فجلس على الأرض، ثم أسلم وشهد شهادة الحق، وقال: لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته، "ثم كتب النجاشي جواب الكتاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، ابتدأ بها اقتداءً بكتاب المصطفى، لكنه تأدَّب، فلم يبدأ باسم نفسه، بل بالاسم الشريف، فقال: "إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة" بوزن أربعة وحاؤه مهملة، وقيل معجمة، وقيل: إنه بموحدة بدل الميم، وقيل: صحمة بغير ألف، وقيل: كذلك، لكن بتقديم الميم على الصاد، وقيل: بزيادة ميم في أول بدل الألف.
نقله عن ابن إسحاق الحاكم في المستدرك، والمعروف عن ابن إسحاق الأوّل، ويتحصّل من هذا الخلاف في اسمه ستة ألفاظ لم أرها مجموعة، قاله في الإصابة، وصوَّب النووي أولها، وقيل: اسمه سليم بضم السين، وقيل: حازم, "سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركات الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني للإسلام"، ذكر الله بالاسم الظاهر دون الضمير لقصد الالتذاذ بذكر الله وعظم شأنه، والثناء عليه تعالى:
أعد ذكر نعمان لنا أن ذكره ... هو المسك ما كررته يتضوع
"أما بعد, فقد بلغني كتابك يا رسول الله، فما ذكرت" فيه "من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى -عليه الصلاة والسلام- لا يزيد على ما ذكرت ثفروقًا"، بضم المثلثة، وسكون

الصفحة 22