كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وكتب -صلى الله عليه وسلم- إلى المقوقس ملك مصر والإسكندرية, واسمه: جريج بن مينا.
"بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد عبد الله ورسوله، إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك
__________
النجاشي الذي بعث إليه مع هؤلاء غير النجاشي الذي أسلم. انتهى، والله أعلم.
"وكتب -صلى الله عليه وسلم- إلى المقوقس" بضم الميم، وفتح القاف، وسكون الواو، وكسر القاف الثانية، آخره مهملة.
قال البرهان: معناه: المطوّل البنّاء، وفي القاموس وحياة الحيوان: أنه لقب له، ولطائر مطوق طوقًا سواده في بياض، كالحمام، وليس فيهما ما يشعر بالوصف الذي ذكره البرهان، "ملك مصر والإسكندرية" بكسر الهمزة، وتفتح وسكون السين، والنون، وفتح الكاف، والدال المهملة، وبالراء, بلد على طرف بحر المغرب من آخر حدّ مصر, نسبت إلى بانيها الإسكندر الروميّ "واسمه جريج" بضم الجيم الأولى "ابن مينا" بن قرقوب أمير القبط بمصر, من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: حدثني المقوقس، قال: أهديت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قدح قوارير، فكان يشرب فيه، وأنكر ابن الأثير ذكره، فقال: لا وجه لذكره في الصحابة، فإنه لم يزل نصرانيًّا، ومنه فتح المسلمون مصر في خلافة عمر، ولم يصب من ذكره في الصحابة, انتهى.
"بسم الله الرحمن الرحيم, من محمد عبد الله ورسوله"، وفي رواية: "من محمد رسول الله إلى المقوقس" لقبه، كما علم قبل، وهو لقب لكل من ملك مصر والإسكندرية، وقيل: ملك مصر والشام فرعون، فإن إضيف إليهما الإسكندرية، فالعزيز كما في سيرة مغلطاي، "عظيم القبط" بالكسر اسم لنصارى مصر, الواحد قبطي على القياس، كما في القاموس، "سلام على من اتبع الهدى" الرشاد، "أما بعد"، أي: مهما يكن من شيء، كما قال سيبويه، قال الكرماني: إن قلت أمَّا للتفصيل، فأين القسيم؟ قلت: التقدير، أمَّا الابتداء فاسم الله، وأما المكتوب، فهو من محمد إلخ ... ، وأما المكتوب به، فهو ما ذكر في الحديث.
قال الحافظ: وهو توجيه مقبول، لكنه لا يطَّرد في كل موضع، ومعناه: الفصل بين الكلامين، وقال العيني: هذا تعسّف وذهول، فإنَّ أمالها استعمالًا؛ لأن التفصيل، وهو الذي يطلب له القسيم، والآخر الاستئناف من غير أن يتقدَّمها كلام، كما هنا، ولم يقل أحد إنها في مثل هذا الموضع تقتضي القسيم، والتحقيق ما قلنا، كذا قال: فليتأمل، "فإني أدعوك بدعاية" بكسر الدال, كلمة التوحيد، وفي لفظ بداعية، أي دعوة "الإسلام, أسلم تسلم يؤتك" مجزوم جواب ثان

الصفحة 27