كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)
والوفرة: الشعر الواصل إلى شحمة الأذن.
وقال ابن أبي هالة أيضًا: كان رجل الشعر -وهو بفتح الراء وكسر الجيم- أي: يتكسر قليلًا، بخلاف السبط والجعد- إن انفرقت عقيقته فرقها وإلّا فلا، يجاوز شعره شحمة أذنه إذا هو وفره.
والعقيقة -بالقاف: شعر رأسه الشريف،
__________
الجمة، أي: في الكثرة، وعلى هذا، فلا تعارض بين الروايتين، فروى كلّ راوٍ ما فهمه من الفوق والدون، قال تلميذه الحافظ ابن حجر: وهو جمع جيد، لولا أنَّ مخرج الحديث متحد، وأجاب المصنف بأن إحدى الروايتين نُقِلَ بالمعنى، ولا يضره اتحاد المخرج لاحتمال أنه وقع ممن دونه أ. هـ.
ونحو قول بعضهم: مآل الروايتين على هذا التقدير متحد معنًى، والتفاوت بينهما إنما هو في العبارة، ولا يقدح فيه اتحاد المخرج، وهو عائشة؛ لأن دونها أدَّى معنى العبارتين، هذا وقد يستعمل أحد اللفظين المتقاربين مكان الآخر، كما سبق في أفلج الثنيتين؛ حيث قالوا: الفلج يستعمل مكان الفرق، فكذا يقال هنا. أ. هـ.
وبهذا علمت شدة تسمّح المصنف في العزو، "والوفرة: الشعر الواصل إلى شحمة الأذن"، ويأتي قريبًا تفسيرها بذلك أيضًا، وبيان الجمة واللمة، "وقال ابن أبي هالة أيضًا: كان رجل الشعر" لفظ. كان لم يقع في لفظه، وإنما أتى به المصنف ليبين أن رجل منصوب؛ لأنه خبر بعد خبر؛ إذ أوّل الحديث: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخمًا مفخمًا, إلى أن قال: رجل الشعر، "وهو بفتح الراء وكسر الجيم" لعله الأشهر، أو الرواية، وإلا فقد قال القرطبي في المفهم: وفتحها وسكونها- ثلاث لغات، زاد بعضها وضمها، كما مَرَّ، ومقتضاه: إنها بمعنى واحد، وفي المصباح: رجل الشعر رجلًا، من باب تعب تعبًا، فهو رجل -بالكسر والسكون- ومفاده: إن المصدر بفتحتين، والوصف على فعل -بكسر فسكون تخفيف، "أي: يتكسّر قليلًا بخلاف السبط" الذي لا يتكسّر شيء منه، "والجعد" المتكسّر "إن انفرقت عقيقته" من جملة قول هند, فَصَّله بضبط رجل، ومعناه: "فرقها" بالتخفيف، أي: جعل شعره نصفين: نصفًا عن اليمين، ونصفًا عن اليسار، قيل: بالمشط، وقيل: بذاته، "وإلّا" تنفرق، بل كانت مختلطة متلاصقة، لا تقبل الفرق، بلا ترجيل، "فلا" يفرقها، بل يتركها على حالها معقوصة، أي: وفرة واحدة، وحينئذ فقد "يجاوز شعره شحمة أذنه إذا هو وفّره"، أي: جعله وفرة، أي: مجموعًا، وفي نسخ: وفر بلا هاء.
قال المزيّ: والمعروف رواية -بالهاء، "والعقيقة -بالقاف: شعر رأسه الشريف" من العق، وهو في الأصل، القطع والشق، ولذا سميت الذبيحة للمولود يوم سابعه عقيقة، لشقّ حلقها،