كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)
واللمة: التي لمت بين المنكبين.
قال القاضي عياض: والجمع بين هذه الروايات: إن ما يلي الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه، وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه. وقال: قيل: بل ذلك لاختلاف الأوقات، فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب, وإذا قصرها كانت إلى أنصاف الأذنين، فكانت تطول وتقصر بحسب ذلك.
وعن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا مكة قدمة
__________
على الأذن، أي: ثم عليها واجتمع.
"واللمة التي لمت" أي: نزلت "بين المنكبين"، وأنَّث باعتبار أنها حملة من الشعر، وجمعها لمام ولمم, سميت بذلك لإلمامها بهما؛ إذ هي الشعر المتجاوز شحمة الأذن مع الوصول إلى المنكب، أو المتجاوز مطلقًا، أو المتجاوز بلا وصول إلى المنكب، فإذا وصله صار جمة، أقوال. لكن قال الحافظ العراقي: ورد في شعره -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أوصاف: جمة، ووفرة، ولمة، فالوفرة ما بلغ شحمة الأذن، واللمّة ما نزل عن شحمة الأذن، والجمة ما نزل عن ذلك إلى المنكبين، هذا قول جمهور أهل اللغة, وهو الذي ذكره صاحب المحكم والنهاية والمشارق وغيرهم، واختلف فيه كلام الجوهري، فذكره على الصواب في مادة لمم، فقال: واللمة -بالكسر: الشعر المتجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغت المنكبين فهي جمة، وخالف ذلك في مادة وفر، فقال: والوفرة إلى شحمة الأذن ثم الجمة، ثم اللمة التي ألمت بالمنكبين، وما قاله في باب الميم هو الصواب الموافق لقول غيره من أهل اللغة.
"قال القاضي عياض: والجمع بين هذه الروايات أنَّ ما يلي الأذن هو الذي يبلع شحمة أذنيه، وما خلفه هو الذي يضرب" يبلغ "منكبيه"، فلا تنافي بين روايتي شحمة أذنيه ومنكبيه، "وقال" عياض أيضًا: "قيل" في الجمع "بل ذلك لاختلاف الأوقات، فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب، وإذا قصرها كانت إلى أنصاف الأذنين، فكانت تطول وتقصر بحسب ذلك" ورد الجمع الأوّل بأن من وصف شعره إنما أراد مجموعه أو معظمه، لا كل قطعة منه، لكن لا ضير فيه لحصول الجمع به، وقد مشى على نحوه الداودي، وتبعه ابن التين فقال: المراد أنَّ معظم شعره كان عند شحمة أذنه، وما استرسل منه متصل إلى المنكب، قال الحافظ: قول هند بن أبي هالة: إذا هو وفَّره، أي: جعله وفرة، فهذا القيد يؤيد هذا الجمع.
"وعن أم هانئ" بكسر النون وهمز آخره، وتسهل- فاختة، أو عاتكة، أو هند "بنت أبي طالب" شقيقة علي، وعاشت بعده، "قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا مكة قدمة" بفتح القاف،