كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وله أربع غدائر. رواه الترمذي في الشمائل, والغدائر -بالغين المعجمة والدال المهملة: هي الذوائب، واحدتها غديرة.
وفي مسلم عن أنس، كان في لحيته -عليه الصلاة والسلام- شعرات بيض. وفي رواية له عنده:
__________
وسكون الدال، المرة الواحدة من القدوم، أي: مرة من قدومه، وبعض الروايات يدل على أنه في فتح مكة؛ لأنه اغتسل وصلى الضحى في بيتها, وكانت له قدمات أربع بمكة بعد الهجرة، قدمة عمرة القضاء والفتح، وعمرة الجعرانة، وحجة الوداع، "وله أربع غدائر"؛ ليخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها، تخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر، كأنَّها توقد الكواكب الدرية بين سواد شعره، قاله ابن أبي خيثمة: "رواه الترمذي في الشمائل، والغدائر -بالغين المعجمة، والدال المهملة: هي الذوائب" بذال معجمة، "واحدتها غديرة" وروى الترمذي أيضًا عن أم هانئ: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذا ضفائر أربع، جمع ضفيرة، وهي العقيصة، قاله الجوهري، فالغدائر أعمّ، كما قاله السيوطي وغيره، فيحتمل أن تكون رأته في وقت آخر، أو حين قدم عليها مكة، تكون أرادت بالضفائر المعنى الذي أرادته بالغدائر وإن اختلفا لغة، ويؤيده اتحاد طريقي الحديثين إليهما؛ إذ كلاهما من رواية ابن أبي نجيح، عن مجاهد عنها، وكلاهما يدل للجمع، ولذا قال بعض شراح المصابيح: لم يحلق -صلى الله عليه وسلم- رأسه في سني الهجرة إلا عام الحديبية، ثم عام القضاء، ثم في حجة الوداع، فليعتبر الطول والقصر منه بالمسافات الواقعة منه في تلك الأزمنة، وأقصرها ما كان في حجة الوداع، فإنه توفي بعدها بثلاثة أشهر، ثم ذكر المصنف شيبه -صلى الله عليه وسلم، ولم يترجم له؛ لأنه من جملة الشعر الذي الكلام فيه، فقال: "وفي مسلم عن أنس" من حديث ابن سيرين: سألت أنس بن مالك: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخضب؟ فقال: لم يبلغ الخضاب.
"كان في لحيته -عليه الصلاة والسلام- شعرات بيض"، مقتضاه أنها عشرة فقط أو أقل؛ إذ شعرات جمع قلة من جموع السلامة، وهي لا تزيد على عشرة، فيشكل بما يأتي عنه كان في رأسه ولحيته سبعة عشر، أو ثمانية عشر، وكون العشرة في خصوص اللحية يحتاج لدليل، فيمكن أنه استعمل جمع القلة فيما فوقها مجازًا، لكن لا دليل على ما فوقها؛ إذ الآتي في الرأس واللحية معًا، والذي يظهر لي حمل ما أفاده شعرات على ظاهره، من أنها عشرة أو أقل، ويؤيده ما عند أبي نعيم، عن عائشة: كان أكثر شيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الرأس، "وفي رواية له" لمسلم، وفي نسخة "عنده" أي: مسلم من وجه آخر عن ابن سيرين، سألت أنسًا: أخضب -صلى الله عليه وسلم،

الصفحة 496