كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وكان إذا ادَّهن لم يتبيّن، فإذا شعث رأسه تبيِّن, وكان كثير شعر اللحية. رواه مسلم والنسائي.
وعن أنس: كان -صلى الله عليه وسلم- يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته. رواه البغوي في شرح السنة.
__________
وجزم به الشامي، مجاز على ما في الصحاح والقاموس من تخصيصه بالرأس، "وكان إذا ادَّهن لم يتبيّن" شيبه؛ لالتباس البياض ببريق الشعر من الدهن، وفي رواية الترمذي: كان إذا دهن رأسه لم ير منه شيب، وإذا لم يدهن ريء منه، قال المصنف: كذا وقع في أصل سماعنا: دهن من الثلاثي المجرد، وكذا لم يدهن، وفي رواية: أدهن من باب الافتعال، وكذا لم يدهن، وعلى التقديرين يكون رأسه مفعولًا، لكن في المغرب: دهن رأسه وشاربه، إذا طلاه بالدهن، وادَّهن على افتعل إذا تولى ذلك بنفسه، من غير ذلك المفعول، "فإذا شعث رأسه" بعدم الإدهان "تبيّن" شيبه؛ لتفرق شعره، فيصير شيبه مرئيًّا.
"وكان كثير شعر اللحية. رواه مسلم والنسائي"، وهو صريح في قلة شيبه أيضًا، كغيره من الأحاديث، "وعن أنس" قال: "كان -صلى الله عليه وسلم- يكثر دهن رأسه" بفتح الدال- مصدر بمعنى استعمال الدهن -بالضم- وهو ما يدهن به من زيت وغيره، وجمعه: دهان -بالكسر، وادَّهن على افتعل, تطلى بالدهن، كما في المصباح، كغيره، "وتسريح لحيته" عطف على دهن، لا على رأسه، كما وهم، "رواه البغوي في شرح السنة"، وأبعد المصنف النجعة، فقد رواه الترمذي في جامعه، وشمائله من طريق الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان -هو الرقاشي، عن أنس به, بزيادة: ويكثر القناع، حتى كان ثوبه ثوب زيات، ومعناه: إنه يكثر دهن رأسه ويتقنع، فكأنَّ الموضع الذي يصيبه رأسه من ثوبه ثوب زيات.
قال الحافظ -الشمس بن الجزري: الربيع بن صبيح له مناكير، منها هذا الخبر، فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان أنظف الناس ثوبًا، وأحسنهم هيئة، وقد قال: " أصلحوا ثيابكم حتى تكونوا كالشامة في الناس"، وأنكر على من رآه وسخ الثوب، وقال: "أما كان يجد هذا ما يغسل به ثوبه" انتهى.
وتعقّب بأن الربيع لم ينفرد به، بل تابعه عمر بن حفص العبدي، عن يزيد، عن أبان, كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكثر التقنّع بثوبه, حتى كأنَّ ثوبه ثوب زيات أو دهان، أخرجه ابن سعد، وإصابة الدهن لحاشية ثوبه إنما كان أحيانًا، وإذا وقع غسله، وذلك لا ينافي كونه أنظف الناس ثوبًا.
وقال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: هذا الحديث إسناده ضعيف، لكن له شواهد, منهم في الخلعيات عن سهل بن سعد، كان -صلى الله عليه وسلم- يكثر دهن رأسه، وتسريح لحيته بالماء، ومنها: في

الصفحة 505