كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

رواه الترمذي وقال: حديث غريب.
وأخرج الترمذي عن ابن عباس وحسَّنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقصّ شاربه.
وعنده من حديث زيد بن أرقم قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "من لم يأخذ من شاربه فليس منا".
وفي الصحيحين: حديث: "خالفوا المشركين, وفِّروا
__________
لحيتين، كان في عقله شيء، وجلس المأمون مع أصحابه مشرفًا على دجلة، فقال المأمون: ما طالت لحية إنسان قط إلّا ونقص من عقله بقدر ما طال منها، وما رأيت عاقلًا قط طويل اللحية، فقال بعض الجلساء: ولا يرد على أمير المؤمنين، أنه قد يكون في طولها عقل، فأقبل رجل كبير اللحية، حسن الهيئة، فأخر الثياب، فقال المأمون: ما تقولون فيه؟ فقال بعضهم: يجب كونه قاضيًا، فأمر بإحضاره، فوقف، فسلّم، فأجاد، فأجلسه المأمون واستنطقه، فأحسن، فقال المأمون: ما اسمك؟ فقال: أبو حمدويه، والكنية علوية، فضحك المأمون، وغمز جلساءه، ثم قال: ما صنعتك؟، قال: فقيه أجيد المسائل، قال: ما تقول فيمن اشترى شاة، فلمَّا تسلمها خرج من إستها بعرة، ففقأت عين رجل، فعلى من الدية؟، قال: على البائع دون المشتري؛ لأنه لما باعها لم يشترط أنَّ في إستها منجنيقًا، فضحك المأمون حتى استلقى على قفاه، وأنشد:
ما أحد طالت له لحية ... فزادت اللحية في هيئته
إلّا وما ينقص من عقله ... أكثر مما زادني لحيته
"رواه الترمذي" في الاستئذان، "وقال: حديث غريب"، وفيه عمرو بن هارون البلخي، قال الذهبي: ضعّفوه، "وأخرج الترمذي".
"عن ابن عباس، وحسَّنه" الترمذي, "قال" ابن عباس: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقص شاربه" في أيّ وقت احتاج إليه، من غير تقييد بيوم، كما أفاده هذا الحديث الحسن، وحديث التقييد بالجمعة ضعيف، كما يأتي "وعنده"، أي: الترمذي أيضًا في الاستئذان، وقال: حسن صحيح، والنسائي في الطهارة، والإمام أحمد "من حديث زيد بن أرقم قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "من لم يأخذ من شاربه" ما طال حتى تبين الشفة بيانًا ظاهرًا، "فليس منَّا"، أي: ليس على طريقتنا الإسلامية لندب ذلك مؤكدًا، فتاركه متهاون بالسنة، هذا مذهب الجمهور، وأخذ جمع بظاهره فأوجبوا قصه.
وروى أحمد عن رجل من الصحابة رفعه: "من لم يحلق عانته، ويقلّم أظفاره، ويجز شاربه، فليس منا" وحسَّنه بعض الحفاظ لشواهده، فلا يخالف قوله -العراقي: هذا لا يثبت، وفيه ابن لهيعة، "وفي الصحيحين" عن ابن عمر حديث "خالفوا المشركين" في زيهم "وفروا" بشد

الصفحة 509