كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)
وقال الطحاوي: لم نجد عن الشافعي شيئًا منصوصًا في هذا، وكان المزني خال والربيع يحفيان شاربهما.
وأمَّا أبو حنيفة وصاحباه: فمذهبهم في شعر الرأس والشارب أن الإحفاء أفضل من التقصير.
وأما أحمد: فقال الأثرم: رأيته يحفي شاربه شديدًا.
__________
لمذهب مالك أ. هـ.
لكن سبق النووي الغزالي، فقال في معنى الحديث: أي: اجعلوها حفاف الشفة، أي: حولها، وحفاف الشيء حوله ومنه، {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} ، "وقال الطحاوي: لم نجد عن الشافعي شيئًا منصوصًا في هذا، وكان" أصحابه الذين رأيناهم، منهم "المزني خال" الطحاوي، "والربيع, يحفيان شاربهما"، قال: وما أظنهم أخذوا ذلك إلّا عنه، "وأما أبو حنيفة وصاحباه" لفظ الطحاوي: وأصحابه"، فمذهبهم في شعر الرأس والشارب أنَّ الإحفاء"، أي: الإزالة بالكلية "أفضل من التقصير"، قال -أعني الطحاوي: وخالف مالك، "وأمَّا أحمد: فقال الأثرم" بمثلثة- أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ البغدادي، الفقيه، الحافظ، الثقة، المصنف، روى عنه النسائي، ومات سنة ثلاث وسبعين ومائتين: "رأيته يحفي شاربه شديدًا"، ونَصَّ على أنه أَوْلَى من القص. قال في فتح الباري: وذهب ابن جرير إلى التخيير، فإنه لما حكي قول مالك وقول الكوفيين، ونقل عن أهل اللغة أنَّ الأحفاء الاستئصال، قال: دلّت السنة على الأمرين، ولا تعارض, فالقص يدل على أخذ البعض، والإحفاء يدل على أخذ الكل، فكلاهما ثابت، فيخير فيما شاء.
قال الحافظ: فيؤخذ من قول الطبري: ثبوت الأمرين معًا في الأحاديث، فأمَّا الاقتصار على القص، ففي حديث المغيرة: ضفت النبي -صلى الله عليه وسلم، وكان شاربي وفيّ, فقصه على سواك، رواه أبو دواد، رواه البيهقي بلفظ: فوضع السواك تحت الشارب، وقص عليه، وأخرج البزار عن عائشة: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبصر رجلًا شاربه طويل، فقال: ائتوني بمقص وسواك، فجعل السواك على طرفه، ثم أخذ ما جاوزه. والبيهقي، والطبراني، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني: رأيت خمسة من الصحابة يقصون شواربهم: أبو أمامة الباهلي، والمقدام بن معد يكرب، وعتبة بن عون السلمي، والحجاج بن عامر الثمالي، وعبد الله بن بسر. وأمَّا الإحفاء: فأخرج الطبراني، والبيهقي، عن عبد الله بن أبي رافع، رأيت أبا سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله؛ وابن عمر، ورافع بن خديج، وأبا سعيد الأنصاري، وسلمة بن الأكوع، وأبا رافع، ينهكون شواربهم كالحلق. وأخرج الطبراني عن عروة وسالم والقاسم وأبا سلمة أنهم كانوا يحلقون شواربهم. انتهى.