كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)
واختلف في كيفية قَصّ الشارب، هل يقص طرفاه أيضًا، وهما المسميان بالسبالين, أم يترك السبالان كما يفعله كثير من الناس؟
قال الغزالي في الإحياء: لا بأس بترك سباليه, وهما طرفا الشارب. فعل ذلك عمر -رضي الله عنه- وغيره؛ لأن ذلك لا يستر الفم, ولا تبقى فيه غمرة الطعام؛ إذ لا يصل إليه. انتهى.
وروى أبو داود عن جابر: كنا نحفي السبال إلّا في حجّة أو عمرة.
وكره بعضهم إبقاءهه لما فيه من الشبه بالأعاجم بل بالمجوس وأهل الكتاب، وهو أَوْلَى بالصواب لما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عمر قال: ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- المجوس فقال: "إنهم يوفِّرون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم"، فكان يجز سباله كما تجز الشاة أو البعير.
__________
"واختلف في كيفية قص الشارب، هل يقص طرفاه أيضًا، وهما المسميان بالسبالين، أم يترك السبالان، كما يفعله كثير من الناس؟، فقيل: بجواز إبقائهما، وقيل: بكراهته، "قال الغزالي في الإحياء: لا بأس بترك سباليه، وهما طرفا الشارب"، أي: المراد بهما هنا ذلك، وإن كان أحد أقوال حكاها المجد، فقال: السبلة -محركة- الدائرة في وسط الشفة العليا، أو ما على الشارب من الشعر، أو طرفه، أو مجتمع الشاربين، أو ما على الذقن إلى طرف اللحية، كلها أو مقدمها خاصة, جمعه سبال، انتهى.
"فعل ذلك عمر -رضي الله عنه- وغيره؛ لأن ذلك لا يستر الفم، ولا تبقى فيه غمرة" زهومة "الطعام؛ إذ لا يصل إليه. انتهى".
"وروى أبو داود عن جابر: كنَّا نحفي" نزيل "السبال"، فهو بحاء مهملة، وفي نسخة: نعفي -بعين مهملة، وهي تصحيف؛ لأن الإعفاء بالعين: الإبقاء، فلا يصحّ الاستثناء بقوله: "إلّا في حجة أو عمرة"، لوجوب ترك إزالة الشعر، "و" لذا "كره بعضهم إبقاءه، لما فيه من الشبه بالأعاجم"، وقد قال عمر: إياكم وزي الأعاجم. وقال مالك: أميتوا سنة الجم وأحيوا سنة العرب. "بل بالمجوس وأهل الكتاب، وهو أَوْلَى بالصواب"، وفعل عمر إن صح؛ لعله لم يبلغه النهي، "لما رواه ابن حبان في صحيحه"، والطبراني، والبيهقي "من حديث" ميمون بن مهران، عن "ابن عمر قال: ذُكِرَ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- المجوس، فقال: "إنهم يوفِّرون" من التوفير وهو الترك، أي: يتركون "سبالهم"، بلا إزالة، "ويحلقون لحاهم، فخالفوهم"، قال ميمون ابن مهران: "فكان" ابن عمر "يجز" بضم الجيم، وزاي "سباله، كما تجز الشاة أو البعير"، مبالغةً في إزالته، امتثالًا