كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وروى أحمد في مسنده في أثناء حديثٍ لأبي أمامة: فقلنا يا رسول الله، فإن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفِّرون سبالهم, فقال: "قصوا سبالكم ووفَِّروا عثانينكم وخالفوهم أهل الكتاب"، والعثانين -بالعين المهملة والثاء المثلثة وتكرار النون- جمع عثنون, وهو اللحية, قاله في شرح تقريب الأسانيد.
وأما العانة: ففي حديث أنس, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يتنوّر، ولكن سنده ضعيف. وروى ابن ماجه والبيهقي، ورجاله ثقات، ولكن أعلّ بالإرسال, وأنكر أحمد صحته من حديث أم سلمة أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا طلى بدأ بعانته فطلاها بالنورة وسائر جسده
__________
لأمره -صلى الله عليه وسلم.
"وروى أحمد في مسنده في أثناء حديث لأبي أمامة"، صدي بن عجلان الباهلي، "فقلنا: يا رسول الله، فإنَّ أهل الكتاب يقصون عثانينهم، ويوفِّرون سبالهم، فقال: "قصوا سبالكم، ووفِّروا عثانينكم، وخالفوا أهل الكتاب" النصارى واليهود، "والعثانين -بالعين المهملة" المفتوحة "والثاء المثلثة، وتكرار النون"، أي: بنونين بينهما تحتية، "جمع عثنون" بضم العين، "وهو اللحية، قاله في شرح تقريب الأسانيد"، وفي القاموس: العثنون: اللحية، أو ما فضل منها بعد العارضين، ونبت على الذقن، وتحته سفلًا أو هو طولها، الجمع: عثانين، انتهى.
"وأمَّا العانة" أي: عانته -صلى الله عليه وسلم, أي: ما كان يعله فيها، فقيل: كان يحلقها، وقيل: يزيلها بالنورة، فهي اسم للشعر النابت فوق ذكر الرجل وفرج المرأة، وهو قول ابن الأعرابي؛ ويعقوب بن السكيت، وقال الأزهري وجماعة: هي منبت الشعر على الفرجين لا الشعر نفسه، واسمه: الإسب -بكسر الهمزة وسكون المهملة، وقال الجوهري: هي شعر الركب، "ففي حديث أنس: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يتنوّر"، أي: لا يطلي بالنورة -بضم النون- حجر الكلس، ثم غلبت على أخلاط تضاف إلى الكلس، من زرنيخ وغيره، وتستعمل لإزالة الشعر، وتنوّر: أطلي بالنورة، ونوّرته طليته بها، قيل: عربية، وقيل: معربة، قال الشاعر:
فابعث عليهم سنة قاشوره ... تحتلق المال كحلق النورة
ذكره المصباح، "ولكن سنده ضعيف"، كما جزم به غير واحد وتتمته: وكان إذا كثر شعره حلقه، "وروى ابن ماجه والبيهقي، ورجاله ثقات، ولكن أُعِلَّ بالإرسال"، أي: الانقطاع، "وأنكر أحمد صحته من حديث أم سلمة، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا طلى بدأ بعانته"، أي: بطليها، وبين ما كان يصلي به فقال: "فطلاها بالنورة"؛ إذ الطلاء كل ما يطل به، "و" طلى "سائر"، أي: باقي "جسده" من كل ما فيه شعر يحتاج لإزالته، فشمل الذراعين ولا ينافيه قول هند: أشعر الذراعين،

الصفحة 513