كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)
أهله.
وأما الحديث الذي يروى أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل حمام الجحفة، فموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث, كما قاله الحافظ ابن كثير، بل لم يتعرّف العرب الحمام ببلادهم إلّا بعد موته -عليه الصلاة والسلام.
وأخرج البيهقي من مرسل أبي جعفر الباقر قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستحب أن يأخذ من أظفاره وشاربه يوم الجمعة.
__________
لأنَّ معناه أن شعرهما يكثر ويطول، فيزيله بالنورة, "أهله" نساؤه -بالرفع فاعل، وروى الخرائطي عن أمّ سلمة، أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينوّره الرجل، فإذا بلغ مراقه تولّى هو ذلك.
قال ابن القيم: ورد في النورة أحاديث، هذا أمثلها, وقال السيوطي: هو مثبت وأجود إسنادًا من حديث النفي، فيقدَّم عليه، واستعمالها مباح لا مكروه، إلّا أنه يتوقّف في كونه سنّة، لاحتياجه إلى ثبوت الأمر به، كحلق العانة ونتف الإبط، وفعله وإن دلّ على السنية، فقد يقال: هذا من الأمور العادية التي لا يدل فعله لها على سنيّة، وقد يقال: إنما فعله بيانًا للجواز ككل مباح، وقد يقال: إنها سُنَّة، ومحله كله ما لم يقصد اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- في فعله، وإلّا فهو مأجور آتٍ بالسنة, انتهى.
"وأمَّا الحديث الذي يروى أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل حمام الجحفة" وتنوّر فيه, وهي بالضم، ميقات أهل الشام، وكانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلًا من مكة، كما في القاموس، "فموضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، كما قاله الحافظ ابن كثير: بل لم تعرف العرب الحمام ببلادهم إلا بعد موته -عليه الصلاة والسلام"، وما ذكره الديلي بلا سند عن ابن عمر، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر وعمر: "طاب حمامكما"، فمحمول إن صحّ على الماء المسخَّن خاصَّة من عين ونحوها، وكذا كل ما جاء فيه ذكر الحمّام، قاله السخاوي: وأورد عليه ما رواه الخرائطي، ويعقوب بن سفيان في تاريخه، وابن عساكر، عن محمد بن زياد الإلهاني، قال: كان ثوبان جارًا لي، وكان يدخل الحمام فقلت: وأنت صاحب رسول الله تدخل الحمام؟، فقال: كان -صلى الله عليه وسلم- يدخل الحمام, فهذا يمتنع تأويله بما قال؛ إذ لا ينكر محمد بن زياد استعمال المسخّن على ثوبان، ولكن إسناده ضعيف جدًّا، "وأخرج البيهقي من مرسل أبي جعفر" محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، "الباقر" صفة لأبيه لقب به؛ لأنه بقر العلم، أي: شقه، فعرف أصله وخفيّه، "قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستحب أن يأخذ من أظفاره وشاربه يوم الجمعة"، قبل الرواح إلى الصلاة، كما في خبر أبي هريرة.