كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

الماء فيما يجب غسله في الطهارة. وقد حكى أصحاب الشافعي فيه وجهين: فقطع المتولي بأن الوضوء حينئذ لا يصحّ، وقطع الغزالي في الإحياء بأنه يعفى عن مثل ذلك.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة: كان -صلى الله عليه وسلم- لا يفارق سواكه ولا مشطه, وكان ينظر في المرآة إذا سرَّح لحيته.
وعن ابن عباس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت له مكحلة يكتحل منها كل ليلة, ثلاثة في هذه, وثلاثة في هذه. رواه ابن ماجه والترمذي وأحمد ولفظه: كان يكتحل بالإثمد
__________
الماء؛ فيما يجب غسله في الطهارة، وقد حكى أصحاب الشافعي"، أي: مقلد ومذهبه "فيه وجهين: فقطع المتولي" بضم الميم، وفتح الفوقية، والواو، فلام مكسورة "بأن الوضوء حينئذ لا يصح"، وهو المعتمد "وقطع الغزالي في الإحياء بأنه يعفى عن مثل ذلك"؛ إذ أصله الندب، "وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة، كان -صلى الله عليه وسلم- لا يفارق سواكه ولا مشطه، وكان ينظر في المرآة إذا سرح لحيته"، ومناسبة ذكر الحديث في مبحث الشعر ظاهرة؛ إذ المشط والمرآة كل آلة لتنظيفه، وأما السواك فوقع في الحديث، وعادة العلماء يذكرون الحديث بتمامه، وإن كان غرضهم منه لفظة واحدة، فلا تتعسف فتقول: ذكره لمناسبته له، في أنّ كلًّا آلة للتنظيف، "وعن ابن عباس: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت له مكحلة" بضم أوله وثالثه- من النوادر الواردة -بالضم، وقياسها الكسر؛ لأنها اسم آلة، "يكتحل منها كل ليلة"، حكمة كونه ليلًا أنه أبقى في العين، وأمكن في السراية إلى طبقاتها.
"ثلاثة" متوالية "في هذه"، أي: اليمنى, "وثلاثة" كذلك "في هذه"، أي: اليسرى، وحكمة التثليث توسطه بين الإقلال والإكثار، وخير الأمور أوساطها، وأيضًا فإنه كان يحب الإيتار مع التعدد، وأقلّ مراتب الأعداد التي فيها الإيتار ثلاثة. قال الحافظ العراقي: ليس في الحديث تعرّض للابتداء بالعين اليمنى، وهو مستحب؛ لأنه كان يحب التيمُّن في شأنه كله، وهل تحصل سنة اليمنى باكتحاله فيها مرة، ثم اليسرى مرة، ثم يفعل ذلك ثانيًا وثالثًا، أو لا تحصل إلّا بتقديم المرات الثلاث في الأول, الظاهر الثاني, قياسًا على العضوين المتماثلين في الوضوء، ويحتمل حصولها بالأوّل كالمضمضة والاستنشاق على بعض الصور المعروفة في الجمع والتفرقة.
"رواه ابن ماجه والترمذي" بهذا اللفظ، "و" رواه "أحمد، ولفظه: كان يكتحل بالإثمد"،

الصفحة 517