كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

عن أنس رفعه: لما عُرِجَ بي إلى السماء بكت الأرض من بعدي, فنبت اللصف من نباتها، فلمّا أن رجعت قطر من عرقي على الأرض فنبت ورد أحمر، ألا من أراد أن يشمّ رائحتي فليشمّ الورد الأحمر. ثم قال أبو الفرج: اللصف: الكبر، قال: وما أتى به هذا الخبر فهو اليسير من كثير مما أكرم الله به نبيه ودل على فضله ورفيع منزلته. قال: وقد روينا معناه من طرق, لكن اختصرنا منها هذا فذكرناه, وإنما ذكرته ليعلم.
وعن جابر بن سمرة أنه -صلى الله عليه وسلم- مسح خده، قال جابر: فوجدت ليده بردًا وريحًا كأنما أخرجها من جؤنة عطار. قال غيره: مسَّها بطيب أو لم يمسها يصافح.
__________
البصري الزاهد، أبي يحيى، صدوق عابد، مات سنة ثلاثين ومائة أو نحوها، "عن أنس، رفعه: "لما عرج بي إلى السماء، بكت الأرض من بعدي، فنبت اللصف من نباتها، فلمَّا أن رجعت, قَطَر من عرقي على الأرض، فنبت ورد أحمر؛ ألا من أراد أن يشمَّ رائحتي فليشم الورد الأحمر"، ثم قال أبو الفرج: اللصف الكبر", وفي القاموس: اللصف -محركة- الإصف، أو اذن الأرنب، ورقة كورق لسان الحمل، وأدق وأحسن, زهره أزرق فيه بياض، وله أصل ذو شعب، إذا قلع وحكّ به الوجه حمَّره وحسَّنه، "قال" أبو الفرج تقوية لهذا الخبر؛ لئلّا ينكر من جهله العقل: "وما أتى به هذا الخبر فهو اليسير من كثير ما أكرم الله به نبيه، ودلَّ على فضله ورفيع منزلته، قال: وقد روينا معناه من طرق، لكن اختصرنا منها هذا، فذكرناه. انتهى" كلام شيخه السخاوي، وزاد على ما هنا ما لفظه: لأبي الحسين بن فارس أيضًا، مما عزاه لهشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا، من أراد أن يشمَّ رائحتي فليشم الورد الأحمر، "وإنما ذكرته ليعلم" أنه موضوع فيترك، ولا يذكر إلّا مع بيان أنه موضوع "و" روى مسلم "عن جابر بن سمرة" قال: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله، وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدَّي أحدهم واحدًا واحدًا، قال: وأمَّا أنا فمسح خدي. فذكره بمعناه، فقال: "أنه -صلى الله عليه وسلم: مسح خده، قال جابر: فوجدت ليده بردًا وريحًا كأنما أخرجها من جؤنة عطار" بين صفة الريح دون البرد، وقال يزيد بن الأسد: ناولني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب ريحًا من المسك.
رواه البيهقي كما قدَّمه المصنف، كحديث جابر في يده الشريفة، "قال غيره" غير ابن سمرة، وهو عائشة، فيما رواه أبو نعيم، والبيهقي بإسناد ضعيف، عنها في حديث: وكانت كفه ألين من الحرير، وكان كفه كف عطار، "مسّها بطيب أو لم يمسها"، أي: الكف، وفيه قلب؛ إذ الظاهر مسّ بها طيبًا، أم لا، وهو إشارة إلى أن طيبه ذاتي, "يصافح" أي: يمس النبي -صلى الله عليه وسلم-

الصفحة 539