كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

فعند الدارقطني في الأفراد: حدثنا محمد بن سليمان الباهلي, أنبأنا محمد بن حسَّان الأموي، أنبأنا عبدة بن سلميان, عن هشام بن عروة, عن أبيه, عن عائشة قالت: يا رسول الله، إني أراك تدخل الخلاء ثم يأتي الذي بعدك فلا يرى لما يخرج منك أثرًا، فقال: "يا عائشة, أما علمت أنَّ الله أمر الأرض أن تبتلع ما يخرج من الأنبياء"، ومحمد بن حسان بغدادي ثقة، وعبدة من رجال الصحيح, وله طريق أخرى عند ابن سعد، وأخرى عند الحاكم في مستدركه.
وروي أنَّه كان يتبرك ببوله ودمه -صلى الله عليه وسلم.
__________
دعوى وضعه مع وجودها، "فعند الدارقطني في" كتاب "الأفراد" بفتح الهمزة "حدَّثنا محمد بن سليمان، الباهلي" النعماني، قال تلميذه الدارقطني: وكان من الثقات، قال: "أنبأنا محمد بن حسَّان الأموي" بفتح الهمزة وضمها، البغدادي، قال: "أنبأنا عبدة" بفتح العين، وإسكان الموحدة، فدال فهاء، "ابن سليمان" الكلابي, أبو محمد الكوفي، يقال: اسمه عبد الرحمن، ثقة ثبت، مات سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل بعدها, روى له الأئمة الستة، "عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: يا رسول الله, إني أراك تدخل الخلاء، ثم يأتي الذي بعدك، فلا يرى لما يخرج منك أثرًا، فقال: "يا عائشة, أما علمت أن الله أمر الأرض أن تبتلع ما يخرج من الأنبياء" بولًا أو غائطًا على ظاهر عمومه كما مَرَّ، وهو من خصائص نبينا على الأمم، "ومحمد بن حسان بغدادي ثقة" صالح، "وعبدة من رجال الصحيح"، ولذا قال السيوطي: هذا سند ثابت، وهو أقوى طرق هذا الحديث، انتهى.
فقد تابع عبدة حسين بن علوان في روايته، عن هشام، وتابعه أيضًا أرطأة بن قيس الأسدي عن هشام, أخرجه أبو بكر الشافعي، وهي متابعة تامّة، فكيف يكون موضوعًا، "وله طريق أخرى عند ابن سعد"، تقدمت قريبًا، وأنَّ رجاله ثقات، إلا ابن زاذان، "وأخرى عند الحاكم في مستدركه" قال: أخبرني مخلد بن جعفر، نبأنا محمد بن جرير, نبأنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، نبأنا إبراهيم بن سعد، نبأنا المنهال بن عبد الله، عمَّن ذكره عن ليلى مولاة عائشة، عنها، وله طريق أخرى عند أبي نعيم، وأخرى عند أبي بكر الشافعي، فقول البيهقي: إنه موضوع, محمول على أنه لم يطَّلع على هذه الطرق؛ إذ يتعذّر معها دعوى الوضع، أو على أنه خاص بالطريق التي ذكرها دون البقية، أو على خصوص لفظه، والأظهر بل المتعيّن الأول، "وروي أنه كان يتبرك ببوله ودمه -صلى الله عليه وسلم"، أي: بشربهما، كما هو المروي، وإن شمل لفظه هنا الإدهان ونحوه، وأتى بصيغة التمريض نظرًا إلى أن كل فرد منها مقالًا، فلا يرد عليه أن بعضها يعتضد

الصفحة 544