كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وفي كتاب الجوهر المكنون في ذكر القبائل والبطون: إنه لما شرب دمه -صلى الله عليه وسلم- تضوّع فمه مسكًا، وبقيت رائحته موجودة في فمه إلى أن صُلِبَ -رضي الله عنه.
وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده, والحاكم والدارقطني والطبراني وأبو نعيم من حديث أبي مالك النخعي, عن الأسود بن قيس, عن نبيح العنزي, عن أم أيمن قالت: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الليل إلى فخارة في جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة فشربت ما فيها وأنا لا أشعر، فلمَّا أصبح النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا أم أيمن, قومي
__________
ومسح على رأسه، وقال: "ويل للناس منك، وويل لك من الناس" , "وفي كتاب الجوهر المكنون في ذكر القبائل والبطون: إنه"، أي: ابن الزبير، "لما شرب دمه -صلى الله عليه وسلم- تضوّع" أي: فاح "فمه مسكًا" تمييز، قال الجوهري: وضاع المسك وتضوّع وتضيّع، أي: تحرَّك فانتشرت رائحته، قال:
تضوّع مسكًا بطن نعمان إذ مشت ... به زينب في نسوة عطرات
ثم قال: وتضيع المسك لغةً في تضوّع، أي: فاح، "وبقيت رائحته موجودة في فمه إلى أن صلب" بعد قتله "رضي الله عنه" سنة ثلاث وسبعين، وكانت خلافته تسع سنين، قال الإمام مالك: وكان أحق بها من عبد الملك وأبيه مروان، "وأخرج الحسن بن سفيان" بن عامر الفسوي -بالفاء- إلى فسا من بلاد فارس، الحافظ الإمام، لقي إسحاق وابن معين، ومات سنة ثلاث ومائتين، وقد جاوز التسعين، "في مسنده" وهو كبير، "والحاكم والدارقطني والطبراني وأبو نعيم, من حديث أبي مالك النخعي" الواسطي, اسمه: عبد الملك, وقيل: عبادة بن الحسين، ويقال له: ابن ذر, متروك، من السابعة, روى له ابن ماجه، كما في التقريب، "عن الأسود بن قيس" العبدي، ويقال: العجلي، الكوفي، يكنَّى أبا قيس، تابعي صغير، ثقة، "عن نبيح" بضم النون، وموحدة، ومهملة- مصغر, ابن عبد الله، "العنزي" بفتح المهملة والنون ثم زاي- نسبة إلى عنزة بن أسد, أبي عمر، والكوفي، مقبول من الطبقة الوسطى من التابعين، "عن أم أيمن، قالت: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الليل" من ظرفية بمعنى في, لا زائدة، وقد عدَّه من معانيها الكوفيون وابن مالك، وأنشدوا:
غسى سائل ذو حاجة إن منعته ... من اليوم سؤلانا له بعد في غد
وقال تعالى: {نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] أي: فيه, "إلى فخارة" جرة "في جانب البيت، فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة"، قيل: المعروف لغةً عطشى، فهذا سماعي على خلاف القياس، كألفاظ جاءت على فعلان وفعلانة، فيصرف فعلان؛ لأن شرط منع صرفه وجود فعلى، أو فقد فعلانة، وفي القاموس أن عطشانة لغة في عطشى، "فشربت

الصفحة 548