كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

رواه البخاري. وفي رواية غيره: بال قائمًا ففحج رجليه، أي: فرقهما وباعد ما بينهما.
والسباطة -المهملة وبعدها موحدة- هي المزبلة والكناسة, تكون بفناء الدور مرفقًا لأهلها، وتكون في الغالب سهلة لا يرتدّ منها البول على البائل، وإضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك؛ لأنها لا تخلو عن النجاسة. وبهذا يندفع إيراد من استشكله لكون البول يوهي الجدار ففيه إضرار، أو نقول: إنما بال فوق السباطة لا في أصل الجدار، وهو صريح في رواية أبي عوانة في صحيحه
__________
في البول، ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب البول ثوب أحدهم قرضه، فقال حذيفة: ليته أمسك, أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سباطة قوم، فبال قائمًا، "وفي رواية غيره: بال قائمًا ففحج"، بفاءين وحاء مهملة مفتوحات، وجيم، "رجليه، أي: فرَّقهما وباعد ما بينهما"، وهذه حالته وإن بال جالسًا، قال أبو موسى: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبول قاعدًا، قد جافى بين فخذيه، حتى جعلت أرثي له من طول الجلوس.
رواه الطبراني، وقال ابن عباس: عدل -صلى الله عليه وسلم- إلى الشعب، فبال حتى أني أرثي له من وركيه، رواه ابن ماجه "والسباطة" بضم السين "المهملة، وبعدها موحدة"، فألف فطاء مهملة فتاء تأنيث، "هي المزبلة" بفتح الباء، والضم لغةً, موضع الزبل، كما في المصباح "والكناسة" الواو بمعنى أو وبها عبَّر المصنّف في شرح البخاري، وحكي ابن الأثير القولين فقال: السباطة الموضع الذي يرمى فيه السراب والأوساخ وما يكنس من المنازل، وقيل: هي الكناسة نفسها, انتهى.
وجزم الجوهري، والمجد بالثاني، "تكون بفناء الدور مرفقًا لأهلها"، أي: محلًّا يرتفقون به، قال في القاموس: الرفق -بالكسر- ما استعين به، واللطف رفق به، وعليه مثلثة رفقًا ومرفقًا، كمجلس ومقعد ومنبر، ثم قال: ومرافق الدار مصاب الماء ونحوها؛ ومثله في صحاح الجوهري: وصريحهما أن اللغتين في المعنيين، وفي المصباح: المرفق ما ارتفقت به -بفتح الميم، وكسر الفاء، وعكسه لغتان، وأما مرفق الدار، كالمطبخ والكنيف ونحوه, فبكسر الميم، وفتح الفاء لا غير, على التشبيه باسم الآلة، "وتكون في الغالب سهلة لا يرتدّ منها البول على البائل"، فلذا بال عليها، "وإضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك، لأنها لا تخلو عن النجاسة"، وهي لا تملك، "وبهذا" أي: كونها سهلة, لا يرتدّ منها البول "يندفع إيراد من استشكله لكون البول يوهي الجدار، ففيه إضرار"، وهو قد قال: "لا ضرر ولا ضرار"، ووجه الدفع: إنها لسهولتها تشرب البول الحاصل بها، فلا يصل إلى الجدار، "أو نقول" في الجواب: "إنما بال فوق السباطة" بوسطها، "لا في أصل الجدار" الذي نشأ الإشكال منه، "وهو صريح في رواية أبي عوانة في

الصفحة 555