كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وعن أنس: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنوا من الأرض. رواه الترمذي وأبو داود والدارمي.
وعن عائشة قالت: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك"، رواه الترمذي وابن ماجه.
وعن أنس: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى
__________
قال الحافظ: وإسناده على شرط مسلم، وفيه زيادة التسمية، ولم أرها في غير هذه الرواية, انتهى.
وظاهره: تأخير التعوّذ عن البسملة، وبه صرَّح جماعة؛ لأنه ليس للقراءة، قاله النووي. "وعن أنس: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد الحاجة" أي: القعود لبول أو غائط، "لم يرفع ثوبه" عن عورته، ولفظ أبي داود: حال قيامه، أي: بل يصبر "حتى يدنو" يقرب "من الأرض"؛ فإذا دنا منها رفعه شيئًا فشيئًا، وهذا أدب مستَحَب اتفاقًا، ومحله ما لم يخف تنجس ثوبه، وإلّا رفع بقدر حاجته؛ "رواه الترمذي وأبو داود" في الطهارة "و" شيخهما "الدارمي" عبد الله بن عبد الرحمن، أبو محمد السمرقندي، الحافظ، أحد الأعلام، مات سنة خمس وخمسين ومائتين، وله خمس وسبعون سنة، ثم هذا الحديث ضعيف من جميع طرقه، كما قاله الولي العراقي، وعبد الحق وغيرهما.
"وعن عائشة قالت: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء"، وفي رواية: من الغائط، "قال" عقبه؛ بحيث ينسب إليه عرفًا، "غفرانك"، بالنصب, تقدير: أسألك غفرانك, الذي يليق إضافته إليك لما له من الكمال والجمال، عمَّا قصرت فيه حال الخلاء من ترك الذكر، وما هو نتيجة الإسراع إلى الطعام، وقضاء الشهوات، ولا يرد أنه مأمور بترك الذكر حينئذ، فلا حاجة إلى الاستغفار؛ لأن سببه من قبله، فأمر بالاستغفار مما تسبب فيه، أو سأل مغفرة عجزه عن شكر تلك النعمة؛ حيث أطعم، ثم هضم، ثم جلب منفعته ودفع مضرته، وسهل خروجه، فرأى شكره قاصرًا عن بلوغ هذه النعم، ففزع إلى الاستغفار، والمراد بالغفران: إزالة الذنب وإسقاطه، ويستحب قول: غفرانك, لقاضي الحاجة، سواء كان في صحراء أو بنيان؛ مرة واحدة على ظاهر الحديث، وقيل: مرتين، وقيل: ثلاثًا، "رواه الترمذي، وابن ماجه" وأبو داود، والنسائي، والإمام أحمد، والبخاري في الأدب المفرد, وعنه رواه الترمذي وصحَّحه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن الجارود، وغيرهم، فقول الترمذي: غريب، لا نعرفه إلا من حديث عائشة، هذا مراده: لا نعرفه من وجهٍ صحيح إلّا من حديثها, وغيره من أذكار الخروج ضعيف، فهو كقول أبي حاتم: حديث عائشة أصحّ ما في الباب، والغرابة بمعنى الفردية، فتجامع الصحة، فليس مراده نفيها، كما فهمه مغلطاي واعترضه، "وعن أنس: كان -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج من الخلاء، قال: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى"، بهضمه

الصفحة 561