كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 5)

وعافاني". رواه ابن ماجه.
وقال -صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، شرقوا أو غربوا"،
__________
وتسهيل خروجه، "وعافاني" منه، أي: من احتباس ما يؤذي بدني ويضعف قوتي، ولابن أبي شيبة، والدارقطني من مرسل طاوس: إذا خرج أحدكم من الخلاء، فليقل: "الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذنني، وأمسك علي ما ينفعني"، وفي رواية: "الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى علي قوته، وأذهب عني أذاه"، "رواه ابن ماجه" بإسناد ضعيف، كما قاله المنذري، ومغلطاي وغيرهما، ورواه النسائي من حديث أبي ذر، وقال: مضطرب غير قوي.
وقال الدارقطني حديث محفوظ.
وروى ابن السني بسند ضعيف عن أنس: كان إذا خرج من الغائط قال: "الحمد لله الذي أحسن بي في أوله وآخره"، "وقال -صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى" أي: جاء "أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة" بكسر اللام- على النهي، وبضمها، على النفي، "ولا يولها ظهره" جزم بحذف الياء على النهي، أي: لا يجعلها مقابل ظهره، قاله المصنف والكرماني وغيرهما، وهو صريح في أنَّ الرواية جاءت في يستقبل بالوجهين، وفي يولها بالجزم فقط، لكن جزم الحافظ بكسر اللام؛ لأن لا ناهية، واللام في القبلة للعهد، أي: الكعبة, انتهى.
ولذا قال شيخنا: مجزوم، بلا الناهية، حرك بالكسر لالتقاء الساكنين، وليس خبرًا بمعنى النهي لعطف، ولا يولها, عليه مجزومًا.
قال الحافظ: زاد مسلم: "ولا يستدبرها ببول أو بغائط"، والغائط الثاني غير الأول، أطلق على الخارج من الدبر مجازًا من إطلاق اسم المحلّ على الحال كراهية لذكره بصريح اسمه، وحصل من ذلك جناس تام، والظاهر من قوله: "ببول، أو غائط" اختصاص النهي بخروج الخارج من العورة، ويكون مثاره إكرام القبلة عن المواجهة بالنجاسة، ويؤيده قوله في حديث جابر: "إذا أهرقنا الماء"، وقيل مثاره كشف العورة، وعلى هذا، فيطرد في كل حالة تكشف فيها العورة، كالوطء، وقد نقله ابن شاس المالكي قولًا في مذهبه، وكان قائله تمسك برواية الموطأ: "لا تستقبلوا القبلة بفروجكم"، ولكنها محمولة على قضاء الحاجة جمعًا بين الروايتين، "شرقوا، أو غربوا"، أي: خذوا في ناحية المشرق، أو المغرب؛ وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، وهو لأهل المدينة، ومن كانت قبلتهم على سمتهم، أمَّا من قبلتهم إلى المشرق أو المغرب، فينحرف إلى جهة الجنوب أو الشمال، قال الحافظ ولي الدين: ضبطناه في سنن أبي داود: وغربو -بلا ألف، وفي بقية الكتب الستة بإثبات الألف، ونقله النووي عن بعض نسخ أبي داود، وكذا رأيته في

الصفحة 562